وَالرُّبَاعِيُّ لَازِمٌ، نَحْوُ: كَبَيْتُ الرجل وأكب، وقشغت الريح السحاب، وقشع هو: أَيْ دَخَلَا فِي الْكَبِّ وَالْقَشْعِ. قَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ:
لَعَمْرِي لَئِنْ أَنَزَفْتُمْ أَوْ صَحَوْتُمْ | لَبِئْسَ النَّدَامَى كنتم آل أبجرا |
بِتَيْهَاءَ قَفْرٍ وَالْمَطِيُّ كَأَنَّهَا | قَطَا الْحُزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخًا بُيُوضُهَا |
أَسْرَعَ، وَأَزَفَّ: دَخَلَ فِي الزَّفِيفِ، فَهَمْزَتُهُ بِهِ لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ، وَأَزَفَّهُ: حَمَلَهُ عَلَى الزَّفِيفِ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ الْفَرَزْدَقُ:
فجاء فربع الشَّوْلِ قَبْلَ إِفَالِهَا | يَزِفُّ وَجَاءَتْ خَلْفَهُ وَهِيَ زُفَّفُ |
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَمُنَاسَبَةُ أَوَّلِهَا لِآخِرِ يس أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْمَعَادَ وَقُدْرَتَهُ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَأَنَّهُ هُوَ مُنْشِئُهُمْ، وَإِذَا تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُهُ بِشَيْءٍ، كَانَ ذَكَرَ تَعَالَى وَحْدَانِيَّتَهُ، إِذْ لَا يَتِمُّ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِرَادَةُ وُجُودًا وَعَدَمًا إِلَّا بِكَوْنِ الْمُرِيدِ وَاحِدًا، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا «١».
وَأَقْسَمَ تَعَالَى بِأَشْيَاءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَقَالَ: وَالصَّافَّاتِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَسْرُوقٌ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ، تُصَفُّ فِي السَّمَاءِ فِي الْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ صُفُوفًا وَقِيلَ: تَصِفُّ أَجْنِحَتَهَا فِي الْهَوَاءِ وَاقِفَةً مُنْتَظِرَةً لِأَمْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَنْ يُصَفُّ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ
(١) سورة الأنبياء: ٢١/ ٢٢.