في ذلك العصر، لكنه ظل يقاوم المؤثرات التي كانت تحد من استمراره وقد ظهر خلال القرن السادس الهجري عدد كبير من الأئمة الأعلام، ونخبة متميزة من العلماء في مختلف فنون المعرفة.
منهم- على سبيل المثال- الحافظ أبي طاهر السلفي المتوفى سنة ٥٧٦ هـ، والحافظ ابن عساكر المتوفى سنة ٥٧١ هـ، والزمخشري المتوفى سنة ٥٣٨ هـ، وابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ هـ.
وقد خلف هؤلاء ثروة عظيمة ضخمة، نهل من مواردها من جاء بعدهم وأفادت الأجيال اللاحقة فائدة عظيمة.
وقد شهد ذلك العصر- أيضا- ظاهرة حميدة وهي اهتمام الخلفاء والسلاطين والوزراء ببناء المدارس والأربطة، وتخصيص الأوقاف لعلماء وطلاب تلك المدارس.
ومن أشهر المدارس التي كانت قائمة في ذلك الوقت وكانت مصدر نور وإشعاع- المدارس النظامية، التي أسسها الوزير السلجوقي نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي المتوفى سنة ٤٨٥ هـ، وقد اكتمل بناء كبرى هذه المدارس ببغداد وبدأ التدريس بها عام ٤٥٩ هـ «١».
كما كانت حلقات العلم والمجالس العلمية تعقد في المساجد المختلفة، ويتصدر للتدريس في تلك الحلقات أبرز العلماء في ذلك العصر.

(١) ينظر تاريخ دولة آل سلجوق: ٣٢، والكامل لابن الأثير: (١٠/ ٤٩، ٥٠).
وقد وصف الحافظ الذهبي الوزير نظام الملك بقوله: الوزير الكبير، نظام الملك، قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، عاقل سائس، خبير سعيد، متدين، محتشم، عامر المجلس بالقراء والفقهاء.
أنشأ المدرسة الكبرى ببغداد، وأخرى بنيسابور، وأخرى بطوس، ورغب في العلم، وأدرّ على الطلبة الصلات، وأملى الحديث، وبعد صيته... ».
ينظر سير أعلام النبلاء: ١٩/ ٩٤.


الصفحة التالية
Icon