وابن بحر «١» يذهب في الجنة/ أنها «٢» كانت بحيث شاء الله من [٥/ ب] الأرض، لأنه لا انتقال عن الخلد، وإبليس لم يكن ليدخلها.
والصحيح أنّها الخلد لتواتر النّقل وللام التعريف «٣».
٣٦ وَقُلْنَا اهْبِطُوا أيضا يدل على أنهم كانوا في السماء ولم يكن إبليس إذ ذاك ممنوعا عنها كالجن عن استراق السمع إلى المبعث «٤».
فوسوس لهما وهو على القرب من باب الجنّة «٥»، أو ناداهما وهما على العرف «٦».

(١) محمد بن بحر الأصفهاني أبو مسلم.
له كتاب «جامع التأويل لمحكم التنزيل في التفسير».
أخباره في: بغية الوعاة: ١/ ٥٩، طبقات المفسرين للداودي: ٢/ ١٠٦، كشف الظنون:
١/ ٥٣٨.
(٢) أي الجنّة في قوله تعالى: وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ... ، وقد اختلف في تعيين هذه الجنة، وذكر الفخر الرازي رحمه الله في تفسيره: (٣/ ٣، ٤) أربعة أقوال فيها، وأورد هذا القول الذي عزاه المؤلف لابن بحر ونسبه إليه أيضا- كما نسبه أيضا- إلى أبي القاسم البلخي، وأورد أدلتهما على هذا الرأي.
وأما القول الثاني فقد نسبه إلى أبي علي الجبّائي وهو أن تلك الجنة كانت في السماء السابعة والدليل عليه قوله تعالى: اهْبِطُوا مِنْها، ثم إن الإهباط الأول كان من السماء السابعة إلى السماء الأولى والإهباط الثاني كان من السماء إلى الأرض.
(٣) قال الرازي رحمه الله: «وهو قول جمهور أصحابنا أن هذه الجنة هي دار الثواب، والدليل عليه أن الألف واللام في لفظة «الجنة» لا يفيدان العموم لأن سكنى جميع الجنان محال فلا بد من صرفها إلى المعهود السابق، والجنة التي هي المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثواب فوجب صرف اللّفظ إليها.
وأورد الفخر الرازي قولا رابعا ولم ينسبه وهو: «أن الكل ممكن، والأدلة النقلية ضعيفة ومتعارضة فوجب التوقف وترك القطع، والله أعلم». [.....]
(٤) يدل عليه قوله تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً.
(٥) نقله البغوي في تفسيره: ١/ ٦٤ عن الحسن.
(٦) العرف: المكان المرتفع، وعرف الأرض: ما ارتفع منها، والجمع أعراف، اللسان:
٩/ ٢٤٢ (عرف).


الصفحة التالية
Icon