وقيل أيضا: سمي اللَّهِ لأنه يوله قلوب العباد بحبه.
وأما «الرحمن» فالعاطف على جميع خلقه بالرزق لهم، ولا يزيد في رزق التقيّ لأجل تقاه، ولا ينقص من رزق الفاجر لأجل فجوره. وما كان في لغة العرب على ميزان «فعلان» يراد به المبالغة في وصفه، كما يقال: شبعان، وغضبان، إذا امتلأ غضبا. فلهذا سمى نفسه رحمانا، لأن رحمته وسعت كل شيء، فلا يجوز أن يقال لغير الله تعالى «الرحمن»، لأن هذا الوصف لا يوجد في غيره.
وأما «الرحيم» فالرفيق بالمؤمنين خاصة، يستر عليهم ذنوبهم في الدنيا، ويرحمهم في الآخرة، ويدخلهم الجنة. وقيل أيضا: إنما سمى نفسه رحيما، لأنه لا يكلف عباده جميع ما يطبقون، وكل ملك يكلف عباده جميع ما يطيقون، فليس برحيم.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ قال:
اسمه شفاء من كل داء، وعون على كل دواء. وأما الرحمن فهو عون لمن آمن به، وهو اسم لم يسم به غيره. وأما «الرحيم» فلمن تاب وآمن وعمل صالحاً.
وقد فسره بعضهم على الحروف، وروى عبد الرحمن المديني، عن عبد الله بن عمر:
أن عثمان بن عفان- رضي الله عنهم- سأل ﷺ عن تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقال:
أما الباء: فبلاء الله وروحه، ونصره وبهاؤه وأما السين: فسناء الله، وأما الميم: فملك الله وأما الله: فلا إله غيره وأما الرحمن: فالعاطف على البر والفاجر من خلقه وأما الرحيم:
فالرفيق بالمؤمنين خاصة.
وروي عن كعب الأحبار أنه قال: الباء، بهاؤه، والسين: سناؤه ولا شيء أعلى منه، والميم: ملكه، وَهُوَ على كُلّ شَىْء قدير، فلا شيء يعازه. وقد قيل: إن كل حرف هو افتتاح اسم من أسمائه فالباء: مفتاح اسمه بصير، والسين: مفتاح اسمه سميع، والميم: مفتاح اسمه ملك، والألف: مفتاح اسمه الله، واللام: مفتاح اسمه لطيف، والهاء: مفتاح اسمه هادي، والراء: مفتاح اسمه رزاق، والحاء: مفتاح اسمه حليم، والنون: مفتاح اسمه نور. ومعنى هذا كله: دعاء الله عند الافتتاح.