والمشركين، بأنه اتبع أمر الله الذي هم أجمعون مقرون. أنه خالقهم ورازقهم، فأراهم الآيات والدلالات بأنه رسوله. وقوله: أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ أي قصدت بعبادتي الله، وأقررت بأنه لا إله غيره وَكذلك مَنِ اتَّبَعَنِ وقال القتبي: معنى أسلمت وجهي لله، يعني أسلمت لله، والوجه زيادة كما قال: كل شىء هالك إلا وجهه، يعني إلا هو وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعني أُعْطُوا التَّوْرَاة والإنْجيل وَالْأُمِّيِّينَ يعني مشركي العرب أَأَسْلَمْتُمْ يعني أخلصتم بالتوحيد. ويقال: اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الأمر، فكأنه يقول أَسْلِمُوا، كما قال في آية أخرى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ؟ يعني انتهوا. وقال في آية أخرى: أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ [المائدة: ٧٤]، أي توبوا إلى الله. فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا يعني أخلصوا بالتوحيد وأسلموا وصدقوا بمحمد ﷺ وبالكتاب، فقد اهتدوا من الضلالة وَإِنْ تَوَلَّوْا يقول إن أَبَوا أن يُسلموا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ بالرسالة وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ يعني بأعمالهم، ومعناه ليس عليك من عملهم شيء وإنما عليك التبليغ، وقد فَعلتَ ما أُمرت به.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢)
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ يعني يجحدون بالقرآن وبمحمد ﷺ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ يعني يتولون آباءهم بالقتل، ويرضون بذلك.
قرأ حمزة يقاتلون بألف من المقاتلة، والباقون بغير ألف، وقرأ نافع النبيئين بالهمزة.
وقرأ الباقون بغير همز وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ يعني بالعدل، وهم مؤمنو بني إسرائيل يأمرونهم بالمعروف، فكانوا يقتلونهم، فعَيَّرهم الله بذلك، وأوعدهم النار فقال:
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي وجيع ويقال: أليم يعني مؤلم أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ يعني بطل ثواب حسناتهم، فلا ثواب لهم فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يعني مانعين يمنعونهم من النار.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)