تَعْصي الإله وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّه هَذَا لَعَمْرِي في القِيَاسِ بديعُ
لَوْ كَانَ حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
فلما نزلت هذه الآية قالوا: إن محمداً يريد أن نتخذه حناناً، كما اتخذت النصارى عيسى حناناً فنزلت هذه الآية: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فقرن طاعته بطاعة رسوله رغماً لهم، ويقال: أطيعوا الله فيما أنزل، والرسول فيما بَيّن فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني إن أعرضوا عن طاعتهما فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكافِرِينَ أي لا يغفر لهم.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٣٣]
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ يعني اختاره ويقال: اختار دينه، وهو دين الإسلام.
ويقال: قد اختاره لخمسة أشياء: أولها أنه خلقه بأحسن صورة بقدرته. والثاني أنه علّمه الأسماء كلها. والثالث أنه أمر الملائكة أن يسجدوا له. والرابع أسكنه الجنة. والخامس جعله أباً للبشر، واختار نوحاً- عليه السلام- بخمسة أشياء: أولها أنه جعله أباً للبشر، لأن الناس كلهم غرقوا، فصارت ذريته هم الباقين. والثاني أنه أطال عمره. ويقال: طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمرهُ، وحَسُن عَمَلُهُ. والثالث أنه استجاب دعاءه على الكفار والمؤمنين. والرابع أنه حمله على السفينة. والخامس أنه كان أول من نسخ الشرائع، وكان قبل ذلك لم يحرم تزوج الخالات والأخوات والعمات، واختار آل إبراهيم- عليه السلام- بخمسة أشياء: أولها أنه جعله أبا الأنبياء، لأنه روي أنه خرج من صلبه ألف نبي من زمانه إلى زمان النبيّ صلّى الله عليه وسلم. والثاني أنه اتخذه خليلاً، والثالث أنه أنجاه من النار والرابع أنه جعله للناس إماماً، والخامس أنه ابتلاه الله بخمس كلمات، بكلمات، فوفقه حتى أتمَّهن ثم قال: وَآلَ عِمْرانَ قال مقاتل: يعني به أبا موسى وهارون. وقال الكلبي: هو عمران أبو مريم، وهو من ولد سليمان النبي- عليه السلام- فإنه أراد به آل موسى وهارون، إنما كان اختارهما على العالمين، حيث بعث على قومه المن والسلوى، ولم يكن ذلك لأحد من الأنبياء في العالم، وإن أراد به أبا مريم، فإنه اصطفى آله، يعني مريم بولادة عيسى- عليه السلام- بغير أب، ولم يكن ذلك لأحد في العالم. وقال الكلبي: يعني اختار هؤلاء الذين ذكروا في هذه الآية عَلَى الْعالَمِينَ يعني عالمي زمانهم.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣٤ الى ٣٧]
ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٧)


الصفحة التالية
Icon