الحواريون هم أصفياء عيسى- عليه السلام- وكانوا اثني عشر رجلاً. وقال مقاتل: كانوا قَصَّارين، فمر بهم عيسى- عليه السلام- وقال: مَنْ أنصارى إِلَى الله؟ قالوا: نحن أنصار الله.
ويقال: إنه مر بهم، وهم يغسلون الثياب. فقال لهم: إيش تصنعون قالوا: نطهر الثياب.
فقال: ألا أدلكم بطهارة أنفع من هذا؟ قالوا: نعم. فقال: تَعَالَوْا حتى نطهرَ أنفسنا من الذنوب، فبايعوه. ويقال: إنهم كانوا صيادين، فمرَّ بهم. وقال: ألا أدلُّكم على اصطياد أنفعَ لكم من هذا؟ قالوا: نعم. فقال: تَعَالَوْا حتى نصطاد أنفسنا من شر إبليس، فبايعوه. وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: إنما سُمُّوا حواريين لبياض ثيابهم، وكانوا صيادين.
وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وَحَوارِيَّ من أُمَّتِي»، يعني به الخالص، فهذا يكون دليلاً لقول الكلبي: إنهم خواصه وأصفياؤه، ومعنى آخر نَحْنُ أَنْصَارُ الله، يعني أنصار دين الله آمَنَّا بِاللَّهِ أي صدقنا بتوحيد الله وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ يعني أشهدنا، على ذلك، فاشهد يا عيسى بأنا مسلمون ثم قالوا: رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ من الإنجيل على عيسى وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ أي عيسى- عليه السلام- عَلَى دينه فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ يعني اجعلنا مع من أسلم قبلنا، وشهدوا بوحدانيتك.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٥٤]
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤)
ثم قال تعالى حكاية عن كفار قومه: وَمَكَرُوا يعني أرادوا قتل عيسى- عليه السلام- وَمَكَرَ اللَّهُ تعالى، أي جازاهم جزاء المكر وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ لأن مكرهم جَوْرٌ ومكر الله عَدْل. قال الكلبي: وذلك أن اليهود اجتمعوا على قتل عيسى، فدخل عيسى- عليه السلام- البيت هارباً منهم، فرفعه جبريل من الكوَّة إلى السماء. كما قال في آية أخرى، وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [البقرة: ٨٧، ٢٥٣] فقال ملكهم لرجل خبيث يقال له يهوذا: ادخل عليه، فاقتله، فدخل الرجل الخوخة، فلم يجد هناك عيسى، وألقى الله عليه شبه عيسى- عليه السلام- فلما خرج رأوه على شبه عيسى، فأخذوه وقتلوه وصلبوه، ثم قالوا: وجهه يشبه وجه عيسى، وبدنه يشبه بدن صاحبنا فإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وإن كان هذا صاحبنا، فأين عيسى، فوقع بينهم قتال، فقتل بعضهم بعضاً، فلما خرجوا رأوه على بيت، فذلك قوله: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ قال الضحاك: وكانت القصة أن اليهود خذلهم الله تعالى لما أرادوا قتل عيسى- عليه السلام- اجتمع الحواريون في غرفة، وهم اثنا عشر رجلاً، فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة فأخبر إبليس جميع اليهود، فركب منهم أربعة آلاف رجل، فأحدقوا بالغرفة. فقال المسيح للحواريين: أيكم يخرج فَيُقْتَلُ وهو معي في الجنة؟ فقال رجل منهم: أنا يا نبي الله، فألقى إليه مدرعة من صوف، وعمامة من صوف، وناوله عكازه، فألقي عليه شبه عيسى- عليه السلام- فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه، وأما المسيح، فكساه الله الريش، وألبسه النور،


الصفحة التالية
Icon