[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٩٦ الى ٩٧]
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٩٧)إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ قال مقاتل يعني أول مسجد وضع للناس، أي للمؤمنين.
ويقال: أول موضع خلق، هو موضع الكعبة للناس، أي قبلة للناس لَلَّذِي بِبَكَّةَ قال الكلبي: إنما سمي بكة، لأن الناس يبك بعضهم بعضاً، أي يزدحم.
وقال الزجاج: بكة موضع البيت، وسائر ما حواليه مكة. وقال القتبي: بكة ومكة شيء واحد، والباء تبدل من الميم. كما يقال سمد رأسه وسبده إذا استأصله، أي قلع بأصله.
ويقال: بكة موضع المسجد، ومكة البلد حوله. ثم قال تعالى: مُبارَكاً أي فيها بركة ومغفرة للذنوب وَهُدىً لِلْعالَمِينَ يعني قبلة لمن صلّى إليها، وذلك أن اليهود قالوا للمؤمنين: لم عمدتم إلى الحجارة تطوفون بها وتصلون إليها؟ وجعلوا يعظمون بيت المقدس، فنزلت هذه الآية.
وروى الكلبي إن آدم- عليه السلام- بنى البيت، فلما كان زمان الطوفان، رفع إلى السماء السادسة بحيال الكعبة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لم يدخلوه قط قبله. ويقال:
أنزل من السماء، وهو من ياقوتة حمراء، فلما كان زمان الطوفان، رفع إلى السماء الرابعة. ثم قال تعالى: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ يعني علامات واضحات كالحجر الأسود والحطيم مَقامُ إِبْراهِيمَ.
وروي عن عبد الله بن عباس أنه كان يقرأ فيه آية بينة مقام إبراهيم. وقرأ غيره آيات بينات مقام إبراهيم، ومعناه من تلك الآيات مقام إبراهيم وَمَنْ دَخَلَهُ يعني الحرم كانَ آمِناً يعني أن من دخل فيه، فإنه لا يهاج منه إذا وجب عليه القتل خارج الحرم وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص حِجُّ بكسر الحاء، والباقون بالنصب، وهما لغتان ومعناهما واحد. مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا أي بلاغاً والاستطاعة هي الزاد والراحلة وتخلية الطريق. ويقال: ولله على الناس فريضة حج البيت. ثم قال: وَمَنْ كَفَرَ يعني ومن لم يرَ الحج واجباً فقد كفر، فذلك قوله وَمَنْ كَفَرَ. فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ يعني غني عمن حج، وعمن لم يحج.
قال الفقيه: حدّثني أبي قال: حدّثني أبو بكر المعلم قال: حدثنا أبو عمران الفارابي قال:
حدّثنا عبد الرحمن بن حبيب قال: حدثنا داود بن المحبر قال: حدّثنا عباد بن كثير عن عبد خير عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال في خطبته: «أَيُّها النَّاسُ إنَّ الله تَعَالَى فَرَضَ