سورة النساء
وهي مائة وستة وسبعون آية مكية
[سورة النساء (٤) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (١)يا أَيُّهَا النَّاسُ قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ قال: الناس عامة، وقد يكون يا أَيُّهَا النَّاسُ خاصة وعامة، يعني خاصة لأهل مكة، وفي هذا الموضع عام لجميع الناس اتَّقُوا رَبَّكُمُ يعني اخشوا ربكم ويقال أطيعوا ربكم احذروا المعاصي لكي تنجوا من عقوبة ربكم. وقال: وحّدوا ربكم ولا تشركوا به شيئا، ثم دل على وحدانية نفسه بصنيعه فقال: الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعني آدم وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها يعني خلق من نفس آدم زوجها حواء، وذلك أن الله تعالى لما خلق آدم وأسكنه الجنة ألقى عليه النوم، فكان آدم بين النائم واليقظان، فخلق من ضلع من أضلاعه اليسرى حواء، فلما استيقظ قيل له من هذه يا آدم؟ قال امرأة لأنها خلقت من المرء، فقيل: ما اسمها؟ قال: حواء لأنها خلقت من حي. وقد قيل: إنما سميت حواء لأنه كان على شفتيها حوة وقيل لأن لونها كان يضرب إلى السمرة فسميت حواء من قولك أحوى كقوله تعالى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى [الأعلى: ٥].
ثم قال تعالى: وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً يعني: خلق منهما يعني من آدم وحواء، ونشر منهما رجالا كثيرا ونساء، يعني خلق منهما رجالاً كثيراً ونساءً. قال مقاتل: أي خلق منهما ألف ذرية من الناس. ثم قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ أي أطيعوا الله الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم، وأبو عمرو في رواية هارون: «تسألون» بغير تشديد.
وقرأ الباقون بالتشديد، فأما من قرأ بالتشديد لأن أصله تتساءلون فأدغم إحدى التاءين في السين وأقيم التشديد مقامه، ومن قرأ بالتخفيف فالأصل أيضاً تتساءلون، فحذف إحدى التاءين لاجتماع الحرفين من جنس واحد للتخفيف. ثم قال: وَالْأَرْحامَ قرأ حمزة: وَالْأَرْحامَ