وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ قال في رواية الكلبي: نزلت الآية في شأن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحب له، وكان قليل الصبر عنه حتى تغير لونه ونحل جسمه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ» ؟ فقال: ما بي من مرض، ولكني إذا لم أرك استوحشت وحشة عظيمة حتى ألقاك، وأذكر الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك. فنزل قوله تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ في الجنة. وقال في رواية الضحاك: وذلك أن نفراً من أصحاب رسول الله ﷺ قالوا: يا نبيَّ الله، وإن صرنا إلى الجنة فإنك تفضلنا في الدرجات، كما أنك تفضلنا بدرجات النبوة، فلا نراك. فنزل فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية.
حدثنا الخليل بن أحمد، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا جهضم، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله لأنت أحبُّ إليَّ من نفسي وولدي وأهلي، فلولا أني آتيك فأراك لا ريب- أي لا شك- أني سوف أموت. قال: وبكى الأنصاري. فقال: «مَا أَبْكَاكَ؟» قال: ذكرت أنك تموت ونموت وترفع مع النبيين، ونكون نحن وإن دخلنا الجنة دونك، فلم يجبه بشيء، فأنزل الله تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ أي من المسلمين. ثم قال: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً في الجنة، أي رفقاء كقوله تعالى: ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [الحج: ٥] أي أطفالاً، وكقوله كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ [المنافقون: ٤] أي الأعداء ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ أي المنّ والعطية من فضل الله وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً بالثواب في الآخرة.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ أي عدتكم من السلاح فَانْفِرُوا ثُباتٍ يعني عصباً سرايا أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً مع النبي ﷺ بأجمعكم. وقال عز وجل: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فاللام الأولى زيادة للتأكيد، واللام الثانية للقسم. أي وإن منكم من يتثاقل ويتخلف عن الجهاد، يعني المنافقين، فهذا الخطاب للمؤمنين، فكأنه يقول: إن فيكم منافقين يتثاقلون ويتخلفون عن الجهاد فَإِنْ أَصابَتْكُمْ معشر المسلمين مُصِيبَةٌ يعني نكبة وشدة وهزيمة من العدو قالَ ذلك المنافق الذي فيكم وتخلف عن الجهاد: قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ