ثم قال: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً يعني: ما دمتم محرمين فلا تأخذوا الصيود وَاتَّقُوا اللَّهَ فلا تأخذوه في إحرامكم الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فيجزيكم بأعمالكم.
قوله تعالى:
[سورة المائدة (٥) : آية ٩٧]
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧)
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ يعني: لجأ إلى الحرم آمناً للناس. كان الرجل إذا أصاب ذنباً أو قتل قتيلاً ثم لجأ إلى الحرم آمناً بذلك. ويقال: قياماً للناس يعني قواماً لمعايشهم. قرأ ابن عامر: قِياماً على جهة المصدر وقرأ الباقون: قِياماً على جهة الاسم والمصدر. وإنما سميت الكعبة كعبة لارتفاعها. ولهذا سمي الكعبان. ويقال للجارية: إذا نهدت ثدياها قد كعبت ثدياها وهي كاعب كما قال: وَكَواعِبَ أَتْراباً [النبأ: ٣٣].
ثم قال: وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ يعني: جعل الشهر الحرام والهديَ والقلائد آمناً للناس وقواماً لمعايشهم، لأنهم كانوا إذا توجهوا إلى مكة، وقلّدوا الهدي، أمنوا. ويقال:
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ يعني: معالم للناس. وقال مقاتل بن حيان:
يعني: علماً لقبلتهم يصلون إليها. وقال سعيد بن جبير: صلاحاً لدينهم. وحرم عليهم الغارة في الشهر الحرام. وأخذ الهدي والقلائد في الشهر الحرام. ذلِكَ الذي جعل الله من الأمن لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يعني: لتعلموا أن الله يعلم صلاح ما في السموات وما في الارض.
وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يقول: عليم بكل شيء من صلاح الخلق ويقال: هو مردود إلى ما أنبأ الله تعالى على لسان نبيه في هذه السورة من أخبار المنافقين، وإظهار أسرارهم.
فقال: ذلك الذي ذكر الله تعالى لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الارض وإن الله بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ من السر والعلانية.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٨ الى ١٠٠]
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨) مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٩٩) قُلْ لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠)
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ يعني: إذا عاقب فعقوبته شديدة لمن عصاه وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لمن أطاعه.


الصفحة التالية
Icon