يعني: صلاة العصر. وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يقضي بين الناس بعد صلاة العصر. فحلَّف الشاهدين، فحلفا أنهما لم يكتما شيئاً، فذلك قوله تعالى: إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ يعني: سافرتم في الأرض، فأصابتكم في السفر مصيبة الموت يعني: موت بديل بن ورقاء، تَحْبِسُونَهُما يعني: تقيمونهما من بعد الصلاة يعني: صلاة العصر عند منبر النبيّ صلّى الله عليه وسلم فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ يعني: ظننتم بالشاهدين ريبة أو شككتم في أمرهما لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً يعني:
باليمين. يعني: أن الشاهدين يحلفان بالله أنهما لم يشتريا بأيمانهما ثمناً قليلاً من عرض الدنيا.
وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى يعني: ذا قرابة معنا في الرحم. لأن الميت كان بينه وبينهما قرابة وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إن سألنا عن ذلك. فإن كتمناها يعني: الشهادة: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ يعني: الفاجرين.
ثم وجد الجام أي الكأس بعد ذلك في أيديهما يبيعانه في السوق. وقالا: إنا كنا اشتريناه منه، فاختصموا إلى رسول الله ﷺ فنزل فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً يعني: خانا وكتما شيئاً من المال فَآخَرانِ من أولياء الميت يَقُومانِ مَقامَهُما يعني: مقام النصرانيين مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ يعني: يحلف أولياء الميت أن المتاع متاع صاحبنا لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما يعني: يمين المسلمين وشهادتهما أحق يعني: أولى من شهادة الكافرين.
وَمَا اعْتَدَيْنا في الشهادة والدعوى إِنَّا إِذاً اعتدينا فحينئذٍ لَمِنَ الظَّالِمِينَ. قرأ عاصم في رواية حفص: اسْتَحَقَّ بنصب التاء. وقرأ الباقون: بضم التاء فمن قرأ بالنصب جعل الذين نعتاً للمدعين ومعناه: فآخران من المستحقين يقومان مقامهما. ومن قرأ بالضم:
جعل الذين نعتاً للمدعى عليهم. وقرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر الاولين. وقرأ الباقون: الْأَوْلَيانِ. فمن قرأ الأولين، يجعله خفضاً لأنه بدل من الذين. فكأنه يقول: من الأولين اللذين استحق عليهم. ومن قرأ: الْأَوْلَيانِ صار رفعاً على البدل مما في يَقُومانِ المعنى: فليقم الْأَوْلَيانِ بالميت. قال القتبي: الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ وهما الوليان. يقال: هذا الأولى بفلان. ثم يحذف من الكلام بفلان فيقال: هذا الأولى وهذان الأوليان، كما يقال: هذا الأكبر وهذان الأكبران وعَلَيْهِمُ هاهنا يعني: منهم يعني: استحق منهم كما قال الله تعالى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [المطففين: ٢] يعني: من الناس يستوفون.
قوله تعالى: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ يعني: ذلك أحرى وأجدر. أن يأتوا بالشهادة. يعني: يقيموا الشهادة عَلى وَجْهِها كما كانت. يعني: يقيموا شهادة المدعي مقام شهادة المدعى عليه إذا ظهرت الخيانة، لكي لا يخونا في الشهادة، ويأتيا بالشهادة على وجهها.