ثم قال: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ يعني: يرزق ويقال: وهو يرزق ولا يعان على رزق الخلق. وقرأ بعضهم: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ بنصب الياء يعني: يرزق ولا يأكل.
ثم قال: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ من أهل مكة يعني: أول من أسلم من أهل مكة، واستقام على التوحيد وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يعني: وقال لي ربي: لا تكونن من المشركين بقولهم: ارجع إلى دين آبائك.
وقوله تعالى: قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي يعني: إني أعلم إن عصيت ربي فرجعت إلى آبائي، وعبدت غيره. عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ يعني: عذاباً شديداً في يوم القيامة.
مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ سوء العذاب يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ يعني: غفر له وعصمه. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عامر وعاصم في رواية حفص مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ بضم الياء ونصب الراء على معنى فعل ما لم يسم فاعله. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: مَنْ يُصْرَفْ بنصب الياء ومعناه: من يصرف الله عنه. ولأنه سبق ذكر قوله: رَبِّي فانصرف إليه.
ثم قال: وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ يعني: صرف العذاب: هو النجاة الوافرة. وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاعْلَمُوا أنَّهُ لا يَنْجُو أَحَدٌ بِعَمَلِهِ» قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟ قال: «وَلا أنَا إلاَّ أنْ يَتَغَمَّدِني الله بِرَحْمَتِهِ» يعني: أن الخلق كلهم ينجون برحمة الله تعالى.
ثم خوّفه ليتمسك بدينه فقال:
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٧ الى ١٩]
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩)
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ يعني: إنْ يصبك الله بشدة أو بلاء فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ يعني: لا يقدر أحد من الآلهة التي يدعونها ولا غيرها كشف الضر إلا الله تعالى.
وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ يقول: وإن يصبك بسعة أو صحة الجسم فإنه لا يقدر أحد على دفع ذلك. فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من الغنى والفقر والعافية.
ثم قال: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ الغالب والعالي عليهم. ويقال: القادر والمالك عليهم وَهُوَ الْحَكِيمُ في أمره الْخَبِيرُ بأفعال الخلق.