يعني: بالإيمان بها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ يعني: الأنبياء الذين سبق ذكرهم. ويقال:
الملائكة. وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ يعني: أمة محمد- عليه السلام- فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قوما ليسوا بها كافرين. يعني: النبيين الذين قصّ الله عنهم.
ثم قال أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ يعني الأنبياء فَبِهُداهُمُ يعني: بسنتهم وتوحيدهم اقْتَدِهْ على دينهم استقم واعمل به. وفي هذه الآية دليل أن شرائع المتقدمين واجبة علينا ما لم يظهر نسخها إذا ثبت ذلك في الكتاب، أو على لسان الرسول ﷺ لأن الله تعالى أمرنا بأن نقتدي بهداهم، واسم الهدى يقع على التوحيد والشرائع.
مثل قوله: الم. ذلِكَ الْكِتابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: ١- ٢] والكتاب يشتمل على الشرائع وغيرها. قرأ حمزة والكسائي: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ بالهاء في الوقف والوصل جميعاً وقرأ الباقون: بالهاء في الوصل والوقف جميعاً لأنها هاء الوقف.
مثل قوله: كِتابِيَهْ وحِسابِيَهْ ثم قال: قُلْ لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً يعني: قل للمشركين لا أسألكم على الإيمان والقرآن جَعْلاً إِنْ هُوَ يعني: ما هو وهو القرآن إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ يعني: موعظة للعالمين الإنس والجن.
قوله تعالى:
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٩١ الى ٩٢]
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢)
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ يعني: ما عظموا الله حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته.
نزلت في مالك بن الضيف خاصمه عمر في النبي ﷺ أنه مكتوب في التوراة. فغضب وقال:
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ وكان رئيس اليهود. فعزلته اليهود عن الرئاسة بهذه الكلمة.
قال مقاتل: نزلت هذه الآية بالمدينة، وسائر السور بمكة. ويقال: إن هذه السورة كلها مكية.
وكان مالك بن الضيف خرج مع نفر إلى مكة معاندين ليسألوا النبيّ صلّى الله عليه وسلم عن أشياء، وقد كان اشتغل بالنعم، وترك العبادة، وسمن. فأتى رسول الله ﷺ ذات يوم بمكة. فقال له رسول الله: