يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ وأصله إنْ ما ومعناه متى ما يأتيكم رُسُلٌ مِنْكُمْ أي: من جنسكم يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي أي يقرءون عليكم، ويعرضون عليكم كتابي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ أي: اتقى الشرك وأطاع الرسول وأصلح العمل، يعني: فمن اتقى عما نهى الله عنه وأصلح أي: عمل بما أمر الله تعالى به فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يعني: لا خوف عليهم من العذاب وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ من فوات الثواب. ويقال: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما يستقبلهم وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلفوا من الدنيا ويقال معناه إمَّا يأتينَّكم رسل منكم وأيقنتم فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما يستقبلكم، فذكر الله ثواب من اتقى وأصلح.
ثم بيّن عقوبة من لم يتق فقال عز وجل: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أي تعظموا عن الإيمان، فلم يؤمنوا بالرسل وتكبروا عن الإيمان أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ أي: دائمون.
قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ قال الكلبي: فمن أكفر. وقال بعضهم: هذا التفسير خطأ لأنه لا يصح أن يقال هذا أكفر من هذا. ولكن معناه: ومن أشد في كفره. ويقال: فلا أحد أظلم.
ويقال: أي ظلم أشنع وأقبح مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً يعني: من اختلق على الله كذباً أي:
شركا أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ جحد بالقرآن أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ أي: حظهم من العذاب. ويقال نَصِيبُهُمْ حظهم مما أوعدهم اللَّه في الكتاب الإهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة. وقال ابن عباس: هو ما ذكر في موضع آخر وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ. ويقال: نَصِيبُهُمْ أي ما قضي وقدر عليهم في اللوح المحفوظ من السعادة والشقاوة. ويقال: نَصِيبُهُمْ رزقهم وأجلهم في الدنيا حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ يعني: أمهلهم حتى يأتيهم ملك الموت وأعوانه عند قبض أرواحهم. ويقال: يقول لهم خزنة جهنم قبل دخولها قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ يعني: أن الملائكة يقولون ذلك عند قبض أرواحهم مِنْ دُونِ اللَّهِ يمنعونكم من النار قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي اشتغلوا عنا بأنفسهم