السلام- وصاح بهم صيحة واحدة فماتوا كلهم، ويقال: قد أتتهم النار فأحرقتهم فذلك قوله تعالى: قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي: وحدوا الله مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قد ذكرناه قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يقول: قد أتيتكم بعلامة نبوتي وهي الناقة كما قال الله تعالى: هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً أي علامة لنبوتي لكي تعتبروا وتوحّدوا الله ربكم فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ يقول: دعوها ترتع في أرض الحجر وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ يقول: لا تعقروها فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وهو ما عذبوا به.
قوله عز وجل: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ أي: بعد هلاك عاد وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ يعني: أنزلكم في أرض الحجر تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً وذلك أنه كانت لهم قصور يسكنون فيها أيام الصيف، وقد اتخذوا بيوتاً في الجبل لأيام الشتاء، فذكرهم نعمة الله تعالى. فقال: اذكروا هذه النعم حيث وفقكم الله حتى اتخذتم القصور في سهل الأرض واتخذتم البيوت في الجبال.
فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ أي نعم الله عليكم وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي: لا تعملوا في الأرض بالمعاصي.
قوله عز وجل: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا قرأ ابن عامر وقَالَ الْمَلأُ بالواو. وقرأ الباقون بغير واو أي قال الملأ الذين تكبروا عن الإيمان من قومه وهم القادة للذين استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بصالح أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ يعني:
أتصدقون صالحاً بأنه مرسل من ربه إليكم قالُوا يعني: المؤمنين إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ أي: مصدقون به قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ أي: من رسالة صالح فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ أي: عصوا وتركوا أمر ربهم وأبوا عن طاعته. ثم التوحيد ويقال: فيه تقديم. ومعناه عتَوا عن أمر ربهم وعقروا الناقة. وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال إنهم عقروا الناقة ليلة الأربعاء في عشية الثلاثاء فأهلكهم الله في يوم السبت.
وَقالُوا يَا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا أي: بما تخوفنا به من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ يعني: إن كنت رسول رب العالمين فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أي: الزلزلة ويقال: صيحة جبريل كما قال في آية أُخرى فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ [الحجر: ٨٣] ويقال: أخذتهم الزلزلة ثم أخذتهم الصيحة. ويقال: النار فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ أي: صاروا في مدينتهم ومنازلهم ميتين، لا يتحركون وأصله من الجثوم. ويقال: أصابهم العذاب بكرةً يوم الأحد فَتَوَلَّى عَنْهُمْ فيه تقديم وتأخير أي: حين كذبوه خرج من بين أظهرهم وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ أي دعوتكم إلى التوبة وحذرتكم العذاب وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ أي: لا تطيعون الداعين. ويقال: إنما قال ذلك بعد إهلاكهم. قال على وجه