مُوسَى فِي الأَلْوَاحِ عَشَرَة أبْوَابٍ: يا مُوسَى لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً، فَقَدْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لَتَلْفَحَنَّ وُجُوهَ المُشْرِكِينَ النَّارُ، وَاشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ، أَقِكَ المَتَالِفَ، وأنسئ لَكَ فِي عُمُرِكَ، وَأُحْيِيكَ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَأَقْلِبُكَ إلَى خَيْرِ مِنْهَا، وَلا تَقْتُلِ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمْتُهَا إلاَّ بالحَقِّ، فَتَضِيقَ عَلَيْكَ الأرْضِ بِرُحْبِهَا، وَالسَّمَاءُ بِأَقْطَارِهَا، وَتَبُوءَ بِسَخْطِي وَنَاري، وَلا تَحْلِفْ بِاسْمِي كَاذِباً فَإنِّي لا أُطَهِّرُ ولا أُزَكِّي مَنْ لَمْ يُنَزِّهْنِي، وَلَمْ يُعَظِّمْ أَسْمَائِي، وَلا تَحْسُدِ النَّاسَ عَلَى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ، فَإنَّ الحَاسِدَ عَدُوٌّ لِنِعْمَتِي، رَادٌّ لِقَضَائِي، سَاخِطٌ لِقِسْمَتِي، الَّتي أَقْسِمُ بَيْنَ عِبَادِي، ولا تَشْهَدْ بِمَا لِمَ يَقَعْ بِسَمْعِكَ، وَيَحْفَظْ قَلْبُكَ، فَإنِّي لوَاقِفٌ أَهْلَ الشَّهَادَاتِ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ أَسَأَلَهُمْ عَنْهَا سُؤَالاً حَثِيثاً، وَلاَ تَزْنِ، وَلاَ تَسْرِقْ، فَأَحْجُبَ عَنْكَ وَجْهِي، وَأُغْلِقَ عَنْكَ أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَأَحْبِبْ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ. ولا تُذَكِّ لِغَيْرِي، فَإنِّي لا أقْبَلُ مِنَ القُربَانِ إلاَّ ما ذُكِرَ علَيْهِ اسْمِي، وَكَانَ خَالِصاً لِوَجْهِي، وَتَفَرَّغْ لِي يَوْمَ السَّبْتِ وَجَمِيعُ أهْلِ بَيْتِكَ». فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«جُعِلَ يَوْمُ السَّبْتِ لِمُوسَى عِيداً وَاخْتَارَ لَنَا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَجَعَلَها لنا عِيداً».
قوله تعالى: فَخُذْها بِقُوَّةٍ يعني: اعمل بما أمرك الله بجد ومواظبة عليها وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أي يعملون بما فيها من الحلال والحرام. ويقال: امرهم بالخير وانههم عن الشر: يعني: اعملوا بالخير وامتنعوا عن الشر. ويقال: اعملوا بأحسن الوجوه وهو أنه لو يكافئ ظالمه وينتقم منه جاز، ولو تجاوز كان أحسن وقال الكلبي: كان موسى- عليه السلام- أشد عبادةً من قومه. فأمر بما لم يؤمروا به. يعني: أمر بأن يعمل بالمواظبة، وأمر قومه بأن يأخذوا بأحسن الفعل.
ثم قال: سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ قال مقاتل: يعني: سنة أهل مصر يعني: هلاكهم حين قذفهم البحر فأراهم سنة الفاسقين في التقديم. ويقال: جهنم هي دارُ الكافرين. ويقال: إذا سافروا أراهم منازل عاد وثمود. وقال مجاهد: مصيرهم في الآخر إلى النار.
قوله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ يعني: أصرف قلوب الذين يتكبرون عن الإيمان حتى لا يؤمنوا. فأخذلهم بكفرهم ولا أوفقهم بتكذيبهم الأنبياء مجازاة لهم.
ويقال: أمنع قلوبهم من التفكر في أمر الدين وفي خلق السموات والأرض الذين يتكبرون فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يعني: يتعظمون عن الإيمان لكي لا يتفكروا في السماء، ولا يعقلون فيها، ولا يذكرونها. ويقال: سأصرف عن النعماء التي أعطيتها المؤمنين يوم القيامة أصرف عنهم تلك النعمة وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ امتنعوا منها كي لاَّ يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ يعني: طريق الحق الإسلام لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا يعني: لا يتخذوه ديناً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يعني: طريق الضلالة والكفر يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا أي ديناً ويتّبعونه ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا قال مقاتل: أي بآياتنا التسع وقال الكلبي: يعني: بمحمد والقرآن وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ يعني: