قوله تعالى: وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يعني: جماعة وهم أمة محمد ﷺ يهدون بالحق يعني يدعون إلى الحق ويأمرون بالحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ يعني بالحق يعملون وذلك أنه لما نزل قوله تعالى: وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [الأعراف: ١٥٩] قال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله قد ذكر الله تعالى هؤلاء الرهط بالخير الجسيم من بني إسرائيل إن آمنوا بك وجعل لهم أجرين، ولنا أجراً واحداً، وقد صدقناك والرسل والكتب فنزل وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يعني: من أمة محمد ﷺ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ.
قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يعني: بمحمد والقرآن سَنَسْتَدْرِجُهُمْ يعني:
سنأخذهم بالعذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ يعني: مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ. وقال الكلبي: يعني نزيّن لهم فنهلكهم من حيث لا يعلمون. يقول: سنأتيهم وهم المستهزئون فيقتل كل رجل منهم بغير قتلة صاحبه. وقال القتبي: الاستدراج أن يذيقهم من بأسه قليلاً قليلاً. ويقال: استدرج فلان فلاناً يعني: يعرف ما عنده وأصل هذا من الدرجة لأن الراقي يرقى درجة درجة. فاستعير من هذا كقوله تعالى وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً [المرسلات: ١] يعني: الملائكة يتابعون بعضهم بعضاً كعرف الفرس. وكقوله تعالى: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ [التوبة: ٦٧] يمسكون عن العطية. وقال السدي: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ يعني: كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة وأنسيناهم شكرها، ثم نأخذهم من حيث لا يعلمون، فذلك الاستدراج.
ثم قال: وَأُمْلِي لَهُمْ يعني: وأمهلهم إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ يعني: عقوبتي شديدة.
ويقال: إن صنيعي محكم. ويقال: إن أخذي شديد.
ثم قال تعالى: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا يعني: أهل مكة فيما يأمرهم محمد ﷺ أن يعبدوا خالقهم، ورازقهم، وكاشف الضر عنهم، ولا يعبدوا من لا يقدر على شيء منه أمثل هذا يكون مجنوناً. ويقال: معناه أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في دلائل النبي ﷺ ومعجزاته ليستدلوا بأنه نبي وقد تم الكلام.
ثم استأنف فقال مَا بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ ويقال: هذا على وجه البناء. ومعناه: أو لم