قال الفقيه رضي الله عنه: وأخبرنا الثقة بإسناده، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحذيفة قالا: «الزيادة، النظر إلى وجه الله تعالى». وعن أبي موسى الأشعري قال: «الحسنى، هي الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى». وعن عامر بن سعد، وعن قتادة، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعن عكرمة مثله.
قال الفقيه: سمعت محمد بن الفضل العابد قال: سمعت علي بن عاصم قال: «أجمع أهل السنة والجماعة أن الله تعالى لم يره أحد من خلقه، وأن أهل الجنة يرونه يوم القيامة» وقال الزجاج: القول في النظر إلى وجه الله تعالى كثير في القرآن، وفي التفسير مروي بالأسانيد الصحاح أنه لا شك في ذلك. وقال مجاهد: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ قال: الحسنى مثلها، والزيادة المغفرة والرضوان. وروي عن علقمة قال: الحسنى مثلها، وزيادة عشر أمثالها.
ويقال: الحسنى الجنة وما فيها من الكرامة، والزيادة ما يأتيهم كل يوم من التحف والكرامات من الله تعالى، فيأتيهم رسول الله فيقول لهم: أنا رضيت عنكم، فهل رضيتم عني؟.
ثم قال تعالى: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ، يعني: لا يعلو ولا يغشى وجوههم قَتَرٌ يعني: سواد، وهو كسوف الوجوه عند معاينة النار، ويقال: حزن وَلا ذِلَّةٌ يعني: ولا مذلة. أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ، يعني: دائمين لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها.
ثم بيّن حال أهل النار فقال تعالى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ، يعني: أشركوا بالله وعبدوا الأصنام والشمس والقمر والملائكة، فهذا كله من السيئات. جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها بلا زيادة، يعني: لا يزاد على ذلك، وهذا موصول بما قبله فكأنه قال: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها بلا زيادة وهذا كقوله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها [الأنعام: ١٦٠]، ويقال: جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها، يعني: جزاء الشرك النار، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أشد من النار. فيكون العذاب موافقاً لسيئاتهم، كقوله تعالى: جَزاءً وِفاقاً [النبأ: ٢٦]، أي موافقاً لشركهم.
ثم قال تعالى: وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، يعني: يغشى وجوههم المذلة، يعني: سواد الوجوه والعذاب. مَّا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ، يعني: مانع يمنعهم من عذاب الله.
ثم وصف سواد وجوههم فقال: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً، يعني:
سواد الليل مظلماً، ويقال: قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ يعني: بعضاً من الليل وساعة منه.
قال الفقيه: حدّثنا الفقيه أبو جعفر قال: حدثنا محمد بن عقيل قال: حدثنا العباس الدوري قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، عن شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أوقِدَ عَلَى النَّارِ ألَفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أوقد عليها ألف