نصدقك بأنك رسول الله إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ يعني: ما نقول: إلا أصابك بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ يعني: - اعتراك من بعض الأوثان الخبل والجنون، فاجتنبها سالما. ويقال: أن نقول لك إلا نصيحة كيلا يصيبك بعض آلهتنا بشدّة «١» -. فردّ عليهم هود عليه السلام ف قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أنتم أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ من الأوثان فَكِيدُونِي جَمِيعاً يعني:
اعملوا بي أنتم وآلهتكم ما استطعتم، واحتالوا في هلاكي ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِ أي لا تمهلون.
ثمّ قال: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ يعني: فَوَّضْتُ أمري إلى الله، رَبِّي وَرَبِّكُمْ يعني:
خالقي وخالقكم، ورازقي ورازقكم، مَّا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها يعني: هو قادر عليها يحييها ويميتها، وهو يرزقها، وهي في ملكه وسلطانه.
ثمّ قال: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني: على الحقّ، فإن كان هو قادراً على كل شيء، فإنه لا يشاء إلا العدل. وقال مجاهد: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يعني: على الحق. ويقال: عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يعني: بيده الهداية، وهو يهدي إلى صراط مستقيم، وهو دين الإسلام. ويقال: يدعوكم إلى طريق الإسلام. ويقال: معناه، أمرني ربي أن أدعوكم إلى صراط مستقيم.
[سورة هود (١١) : آية ٥٧]
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧)
فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني: إن تتولوا، ومعناه: إن أعرضتم عن الإيمان، فلم تؤمنوا. وهذا كقوله: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ [محمد: ٣٨]. ثمّ قال: فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ يعني: إن تتولوا، فأنا معذور لأني قد أبلغتكم الرسالة، وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ إن شاء. ويقال: قد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم من التوحيد، ونزول العذاب في الدنيا.
وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي بعد هلاككم قَوْماً غَيْرَكُمْ يعني: خيراً منكم وأطوع لله تعالى. وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً يعني: إن لم تؤمنوا به، فلا تنقصون من ملكه شيئاً. ويقال: إهلاككم لا ينقصه شيئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ يعني: حافظا، لا يغيب عنه شيء. ويقال: معناه، حفظ كل شيء عليه.
[سورة هود (١١) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠)