محمد صلّى الله عليه وسلّم. قال: حدثنا عمر بن محمد قال: حدّثنا أبو بكر الواسطي قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبو معاوية، عن السدي، عن المعلى، عن أبي ذرّ: أن عمر أخذ بيده يوماً فغمزها، فقال: خل عني يا قفل الفتنة. فقال عمر: ما قولك قفل الفتنة؟ قال: إنك جئت ذات يوم فجلست آخر القوم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تُصِيبَنَّكُمْ فِتنْةٌ مَا دَامَ هذا فِيكُمْ». وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: «جعلت أنا وعثمان «١» فتنة لهذه الأمة». وقال بعضهم: قوله لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خاصة، يعني: لا تعرّضوا الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً لما ينزل بهم، وقَال بعضهم: هذا جواب الأمر بلفظ النهي مثل قوله تعالى: لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ [النمل:
١٨].
ثم قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ، أي: لمن وقع في الفتنة. ثم ذكرهم النعم فقال: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ، يعني واحفظوا نعمة الله عليكم إذ كنتم قليلاً في العدد وهم المهاجرون والأنصار، مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ يعني: مقهورون في أرض مكة.
تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ، يعني: يختلسكم الناس ويذهب بكم الكفار- وهم أهل فارس والروم «٢» -. فَآواكُمْ بالمدينة وَأَيَّدَكُمْ يعني: وقوّاكم وأعانكم بِنَصْرِهِ يوم بدر. وقال قتادة: كانوا بين أسدين: قيصر وكسرى، تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ وهم أهل فارس والروم والعرب ممن حول مكة.
ثم قال: وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ، يعني: الحلال، وهو الغنيمة. لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، يعني لكي تشكروا الله وتطيعوه وتعرفوا ذلك منه.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ روى أسباط عن السدي قال:
كانوا يسمعون من النبي عليه السلام الحديث، فيفشونه حتى يبلغ المشركين، فنهاهم الله عن ذلك فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ. ويقال: كل رجل مؤتمن على ما فرض الله عليه، إن شاء أداها، وإن شاء خانها. وقال القتبي: الخيانة أن يؤتمن على شيء فلا يؤدي إليه، ثم سمّى العاصي من المسلمين خائناً، لأنه قد ائتمن على دينه فخان. كما قال في آية أخرى: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ [البقرة: ١٨٧]، ويقال: نزلت الآية في أبي
(٢) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة «أ».