ثلاثة جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ويقال: كانوا أربعة، فسلموا عليه قالُوا سَلاماً قالَ إبراهيم سَلامٌ يعني: ردّ عليهم السلام.
قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ كلاهما سلام، إلا أن الأول صار نصباً، لوقوع الفعل عليه، والآخر رفعاً بالحكاية، ومعناه:
قال: قولاً فيه سلام. وقرأ حمزة والكسائي: قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ بكسر السين، وسكون اللام، يعني: أمري سلم، ما أريد إلا السلامة. فَما لَبِثَ يعني: فما مكث أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ قال السِّدِيّ: الحنيذ السمين، كما قال في آية أخرى: بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات: ٢٦] ويقال: حَنِيذٍ يعني: نضيج. ويقال: المشوي الذي يقطر منه الودك. وقال أهل اللغة بأجمعهم: الحنيذ، المشوي بغير تنور، وهو أن يتخذ له في الأرض حنذاً، فيلقى فيه. قال مقاتل: إنما جاءهم بعجل، لأنه كان أكثر ماله البقر، فلما قربه إليهم ووضع بين أيديهم كفوا ولم يأكلوا، ولم يتناولوا منه.
قوله: فَلَمَّا رَأى إبراهيم أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ يعني: إلى الطعام ولم يمدّوا أيديهم إلى الطعام نَكِرَهُمْ يقول: أنكرهم وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً يعني: وأضمر منهم خوفاً، حيث لم يأكلوا من طعامه، وظن أنهم لصوص. وذلك أنه في ذلك الزمان إذا لم يأكل أحد من طعام إنسان، يخاف عليه غائلته، قالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ بهلاكهم. وقال السدي:
لما لم يأكلوا من الطعام، قال لهم إبراهيم عليه السلام: ما لكم لا تأكلون طعامي؟ قالوا: إنا قوم لا نأكل طعاماً إلا بثمن. فقال إبراهيم: إن لطعامي ثمناً، فأصيبوا منه. قالوا: وما ثمنه؟ قال:
تذكرون اسم الله عليه في أوله، وتحمدونه في آخره. فقال جبريل لميكائيل: حق لهذا أن يتخذه الله خليلاً.
قوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ وفي الآية تقديم، يعني: بشرناها بإسحاق، فضحكت سروراً. ويقال: ضحكت تعجباً من خوف إبراهيم ورعدته في حشمه وخدمه، ولم يخف ولم يرتعد من نمرود الجبار حين قذفه في النار، وهذا قول القتبي. وقال عكرمه في قوله:
فَضَحِكَتْ يعني: حاضت. يقال: ضحكت الأرنب، إذا حاضت. وغيره من المفسرين جعلها الضحك بعينه، وكذلك هو في التوراة. قرأت فيها أنها حين بشرت بالغلام، ضحكت في نفسها، وقالت: من بعد ما بليت أعود شابة؟ وقال قتادة: ضحكت من أمر القوم وغفلتهم، وجبريل جاءهم بالعذاب، يعني: قوم لوط فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قال الشعبي: «الوراء، ولد الولد». وروى حبيب بن أبي ثابت، أن رجلاً دخل على ابن عباس ومعه ابن ابنه، فقال له: من هذا؟ فقال ابن ابني. فقال: ابنك من وراء، فوجد الرجل في نفسه، فقرأ ابن عباس: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ وقال مقاتل: يعني: ومن بعد إسحاق يعقوب. وقال أبو عبيدة: الوراء ولد الولد.


الصفحة التالية
Icon