المؤمن عن الإيمان، وعند أهل السنة: الكبيرة لا تخرج المؤمن عن الإيمان، وجاز جريان المعصية قبل النبوة «١» - وقال عامة المفسرين: إن إخوته باعوه وروي عن ابن عباس: «أن إخوته باعوه بعشرين درهماً، وكتب يهوذا شراءه على رجل منهم».
ثم قال: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ يعني: الذين اشتروه لم يعلموا بحاله وقصته.
ويقال: يعني إخوة يوسف، في ثمنه لم يكونوا محتاجين إليه. ثم إن مالك بن دعر، لما أدخله مصر باعه. قال مقاتل: باعه بعشرين ديناراً ونعلين وحلة. وقال الكلبي: بعشرين درهماً ونعلين وحلة. وقال بعضهم: باعه بوزنه فضة. وقال بعضهم: باعه بوزنه ذهباً. وقال وهب بن منبه:
باعه مالك بن دعر، بعد ما عرضه في بيع من يزيد، ثلاثة أيام، فزاد الناس بعضهم على بعض، حتى بلغ ثمنه بحيث لا يقدر أحد عليه، فاشتراه عزيز مصر، وكان خازن الملك وصاحب جنوده لامرأته زليخا، بوزنه مرة مسكاً، ومرة لؤلؤاً، ومرة ذهباً، ومرة فضة، ومرة حللا، وسلم كلها.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ قال ابن عباس: «كان اسمه قوطيفر، وهو العزيز، قال لامرأته واسمها: زليخا أَكْرِمِي مَثْواهُ يعني: منزله وولايته عَسى أَنْ يَنْفَعَنا في ضياعنا وغلاتنا على وجه التبرك به أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً يقول: نتبناه فيكون ابناً لنا.
وروى أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، قال: «أفرس الناس ثلاثة:
العزيز، حين قال لامرأته أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا وبنت شعيب التي قالت يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: ٢٦] وأبو بكر، حين تفرَّس في عمر رضي الله عنها وولاه من بعده» «٢».
قال الله تعالى: وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يعني: في أرض مِصْرَ، وهي أربعون فرسخاً في أربعين فرسخاً وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ يعني: كي يلهمه تعبير الرؤيا، وغير ذلك من العلوم، وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ إذا أمر بشيء لا يقدر أحد أن يرد أمر الله تعالى، إذا أراد بأحد من خلقه. ويقال: وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ، يعني: والله متمّ ليتم أمر يوسف الذي
(٢) عزاه السيوطي: ٤/ ٥١٧ إلى سعيد بن منصور وابن سعد وابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه. [.....]