عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «إنهما كان يتحاكما ليجرّباه، فلما أوَّلَ رؤياهما، قالا: إنما كنا نلعب» قال يوسف: قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢) وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (٤٣) قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ (٤٤)
قوله تعالى: وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا يعني: قال يوسف عليه السلام للذي علم أنه ينجو من السجن والقتل وهو الساقي: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ قال يوسف للساقي: إذا دعاك الملك وسقيته، فاذكرني عنده فإني مظلوم قد عدا عليّ إخوتي فباعوني. فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ يعني: أنسى الشيطان يوسف أن يستغيث بالله تعالى، فاستغاث بالملك. وقال الفراء:
أنسى الشيطان الساقي أن يذكر يوسف عند الملك. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ قال: هو يوسف، أنساه الشيطان ذكر ربه، وأمره بذكر الملك، وابتغى الفرج من عنده «١» فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ بقوله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ.
وروى معمر عن قتادة أنه قال: بلغني أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لَوْ لَمْ يَسْتَعِنْ يُوسُفُ عَلَى رَبِّهِ، لَمَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ» «٢». وروي عن أبي عبيدة أنه قال: البضع ما دون نصف العقد، يعني: من واحد إلى أربعة. وقال الأصمعي: ما بين الثلاث إلى التسع. هكذا قال قطرب، والسدي. وروى منصور عن مجاهد قال: البضع ما بين الثلاث إلى السبع. وذكر عبد العزيز بن عمر الكندي، أن يوسف رأى جبريل في السجن فقال له: يا أخا المنذرين، ما لي أراك بين الخاطئين؟ فقال له جبريل: يا طاهر الطاهرين، رب العزة يُقْرِئُكَ السلام ويقول: أما استحييت مني إذ استشفعت بالآدميين؟ فبعزتي لألبثنك في السجن بضع سنين». قال بعضهم:
بضع سنين أي سبع سنين، سوى الخمس الذي مكث فيه، وذلك اثنتا عشرة سنة. وقال بعضهم: جميع ما أقام فيه سبع سنين. وقال بعضهم: ثماني عشرة سنة.
ثمّ إن الملك رأى في المنام، واسم الملك ريان بن الوليد، فذلك قوله تعالى: وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى يعني: رأيت في المنام سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ خرجن من نهر مصر ثمّ خرج من بعدهنّ سَبْعٌ عِجافٌ هزلى، فابتلع العجاف السمان، فدخلن في بطونهن، فلم يرَ منهنّ شيء، ورأيت وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يعني: سنبلات أخر يابسات

(١) عزاه السيوطي ٤/ ٥٤٢ إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة.
(٢) عزاه السيوطي: ٤/ ٥٤١ إلى ابن جرير وأبي الشيخ.


الصفحة التالية
Icon