فأرسل الله عليه صاعقة فقتلته، فنزل وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ يعني: شديد العداوة. وقال قتادة: دخل عامر بن الطفيل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: أسلم على أن لك المدر ولي الوبر. يعني: لك ولاية القرى، وليَ ولاية البوادي، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أَنْتَ مِنْ المُسْلِمِينَ لَكَ مَا لِلْمُسْلِمينَ، وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ» ؟ قال عامر: لك الوبر ولي المدر. فأجابه بمثل ذلك. قال عامر: ولي الأمر من بعدك. فأجابه بمثل ذلك. فغضب عامر وقال: لأملأنها عليك رجالاً ألفا رجل أشعر، وألفا أمرد، فخرج ولقي أربد بن قيس فقال له: ادخل على محمد وإلهه بالكلام حتى أدخل فأقتله! فدخلا عليه، فجعل عامر يسأله ويقول: أخبرنا يا محمد عن إلهك، أمن ذهب هو أم من فضة؟ فلما طال حديثه قاما وخرجا، فقال عامر: مالك لم تقتله؟ قال: كلما أردت أن أقتله وجدتك بيني وبينه. فجاء جبريل، فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فدعا عليه، فأصابته صاعقة فقتلته «١». فنزل وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ.
قوله تعالى: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ يعني: كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، يدعو الخلق إليها.
ويقال معناه: له على العباد دعوة الحق أن يدعوه فيجيبهم وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ يعني:
الأصنام والأوثان لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ يقول: لا ينفعهم بشيء إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ يعني:
كمادٍ يديه إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ والعرب تقول لمن طلب شيئاً لا يجده: هو كقابض الماء.
يعني: كمن هو مشرف يدعو الماء بلسانه، ومشرف يدعو الماء بلسانه فلا يجيبه أبداً، أو يشير باليد وَما هُوَ بِبالِغِهِ يقول: فلا يناله أبداً. وقال مجاهد: كالذي يشير بيده إلى الماء، فيدعوه بلسانه، فلا يجيبه أبداً. هذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك الذي عبد مع الله إلها آخر، أنه لا يجيبه الصنم ولا ينفعه، كمثل العطشان الذي ينظر إلى الماء من بعيد ولا يقدر عليه وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ يقول: ما عبادة أهل مكة إِلَّا فِي ضَلالٍ يضل عنهم، إذا احتاجوا إليه في الآخرة.
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٥]
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥)
قوله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الخلق طَوْعاً وَكَرْهاً قال قتادة: أما المؤمن فيسجد لله طائعاً، وأما الكافر فيسجد كرهاً، ويقال: أهل الإخلاص يسجدون لله طائعين، وأهل النفاق يسجدون له كرهاً- ويقال: من ولد في الإسلام يسجد طَوْعاً ومن سبي في دار الحرب يسجد كَرْهاً «٢» - ويقال: يَسْجُدُ لِلَّهِ يعني: يخضع له مَن فِى السموات والأرض، ولا يقدر أحد أن يغير نفسه عن خلقته وَظِلالُهُمْ يعني: تسجد ظلالهم،
(٢) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ».