ثم قال: لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى يعني: للذين أجابوا ربهم بالطاعات في الدنيا، لهم الجنة في الآخرة.
ثم قال: وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ يعني: لم يجيبوه، ولم يطيعوه في الدنيا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً يوم القيامة وَمِثْلَهُ مَعَهُ يعني: وضعفه معه لَافْتَدَوْا بِهِ يقول: لفادوا به أنفسهم مِن العذاب، ولو فادوا به لا يقبل منهم أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ يعني: شديد العقاب. ويقال: سُوءُ الْحِسابِ المناقشة في الحساب. وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال:
أتدرون ما سوء الحساب؟ قالوا لا. قال هو الذنب يحاسب عليه العبد ثم لا يغفر له. وعن الحسن أنه سئل عن سوء الحساب قال: يؤخذ العبد بذنوبه كلها فلا يغفر له منها ذنب.
ثم قال: وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ أي: مصيرهم ومرجعهم إلى جهنم وَبِئْسَ الْمِهادُ يعني:
الفراش من النار، ويقال: بئس موضع القرار في النار.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٩ الى ٢٥]
أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣)
سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥)
قوله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ يعني: يعلم أن القرآن الذي أنزل من الله تعالى هو الحق كَمَنْ هُوَ أَعْمى يعني: كمن هو لا يعلم. ويقال: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أن ما ذكر من المثل حق كمن لا يعلم. وهذا كقوله: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: ٢٦] يعني: المثل. ويقال: أَفَمَنْ يَعْلَمُ يقول: أفمن يرغب في الحق أي يعلم، أن ما أنزل إليك من ربك هو الحق كَمَنْ هُوَ أَعْمى يعني: كمن لا يرغب فيه ثم قال:
إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ يعني: يتعظ بما أنزل إليك من القرآن ذوو العقول من الناس، وهم المؤمنون.
ثم وصفهم فقال تعالى: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ يعني: العهد الذي بينهم وبين الله تعالى، والعهد الذي بينهم وبين الناس وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ يعني: الميثاق الذي أخذ عليهم يوم الميثاق. ويقال: يعني: الميثاق الذي أخذ على أهل الكتاب في كتابهم.
قوله: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يعني: يصلون الأرحام ولا يقطعونها،