هريرة، طُوبى «شجرة في الجنة». وقال قتادة: هي كلمة عربية، يقول الرجل: طوبى لك إذا أصبت خيراً. وقال عكرمة: طُوبى لَهُمْ أي: نعمى لهم. ويقال: طُوبى لَهُمْ أي: خير لهم. ثم قال تعالى: وَحُسْنُ مَآبٍ يعني: حسن المرجع في الآخرة.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٠]
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠)
قوله تعالى: كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ يقول: هكذا بعثناك في أمة كما بعثنا إلى من كان قبلك من الرجال في الأمم الخالية قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ يعني: قد مضت من قبل قومك أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ يعني: أرسلناك لتقرأ عليهم الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من القرآن وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ يعني: يجحدون ويكذبون، وذلك أن عبد الله بن أمية المخزومي وأصحابه قالوا: ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب.
قال الله تعالى: قُلْ هُوَ رَبِّي يعني: قل يا محمد، الرحمن الذي تكفرون به هو الله ربي الذى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ يعني: فوضت أمري إليه وَإِلَيْهِ مَتابِ يعني: وإليه أتوب وأرجع.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣١]
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١)
قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ وذلك أن عبد الله بن أمية وغيره من كفار مكة قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: سيّر لنا جبال مكة ذهباً وفضة حتى نعلم أنك صادق في مقالتك، أو قرب أسفارنا كما فعل سليمان بن داود بريحه، أو كلم موتانا كما فعل عيسى بدعائه، فنزل وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ عن أماكنها أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ غُدُوُّهَا شَهْرٌ، وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى فلم يذكر جوابه، لأن في الكلام دليلاً عليه. يعني: لو فعلنا ذلك بقرآن قبل قرآن محمد صلّى الله عليه وسلّم، لفعلنا ذلك بقرآن محمد صلّى الله عليه وسلّم. ويقال: لو فعل أحد من الأنبياء ما سألتموني، لفعلت لكم، ولكن الأمر إلى الله تعالى، أن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، فذلك قوله تعالى:
بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ويقال: معناه، ولو أن قرانا سيرت به الجبال عن أماكنها، أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتى، لم يؤمنوا به، وهذا كقوله: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا [الأنعام: ١١١] الآية إلى قوله: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا [الأنعام: ١١١] بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً إن شاء هدى من كان أهلاً لذلك، وإن شاء لم يهد من لم يكن أهلاً لذلك.


الصفحة التالية
Icon