أبيَنَ لهم. يعني: لِيُبَيِّنَ لَهُمْ طريق الهدى فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ عن دين الإسلام من لم يكن أهلاً لذلك وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى دينه الإسلام من كان أهلاً لذلك وَهُوَ الْعَزِيزُ في ملكه، الْحَكِيمُ في أمره وقضائه، ويقال: الْحَكِيمُ حكم بالضلالة والهدى لمن يشاء.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٥]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)
قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا يعني: باليد والعصا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ يعني:
ادع قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يعني: من الكفر إلى الإيمان وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ يعني:
خوّفهم بمثل عذاب الأمم الخالية ليحذروا فليؤمنوا. وقال مجاهد: أيام نعمه، وكذلك قال قتادة والسدي. يعني: ذكرهم نعمائي ليؤمنوا بي. وروي في الخبر: «أن الله تعالى أوحى إلى موسى أن حببني إلى عبادي، قال: رب كيف أحببك إلى عبادك، والقلوب بيدك؟ فأوحى الله إليه أن ذكرهم نعمائي».
ثم قال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ يعني: في الذي فعلت بالأمم الخالية، وما أعطيتهم من النعم لعلامات لِكُلِّ صَبَّارٍ على طاعة الله، والصبار: هو المبالغ في الصبر شَكُورٍ يعني:
شكور لنعم الله تعالى، وهو على ميزان فَعُول، وهو المبالغة في الشكر.
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٦ الى ٨]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)
ثم قال تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يعني: من فرعون وآله، كما قال في آية أخرى: وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ [الأنفال: ٥٤] يعني:
فرعون وآله. يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يقول: يعذبونكم بأشد العقاب وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ الصغار وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ يعني: يستخدمون نساءكم وَفِي ذلِكُمْ يعني: ذبح الأبناء، واستخدام النساء، بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ يعني: بلية عظيمة لكم من خالقكم. ويقال: في إنجاء الله نعمة عظيمة لكم.
قوله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ يعني: قد قال ربكم. ويقال: أعلم ربكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ نعمتي عليكم لَأَزِيدَنَّكُمْ من النعمة وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ بتوحيد الله وجحدتم نعمتي عليكم إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ في الآخرة. قال الفقيه: حدثنا أبي رحمه الله بإسناده عن أبي هريرة أنه قال: «من رزق ستاً لم يحرم ستاً. من رزق الشكر لم يحرم الزيادة لقوله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ