إبراهيم بن يوسف، عن عبيد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود في قوله: زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ قال: «أفاعي في النار». وعن ابن مسعود قال: «زيدوا عقارب في النار، أنيابها كالنخل الطوال». وعن مجاهد قال: «في النار عقارب كالبغال، أنيابهن كالرماح، تضرب إحداهن على رأسه فيسقط لحمه على قدميه». ويقال: يسألون الله تعالى المطر في ألف سنة ليسكن ما بهم من شدة الحر والغم، فتظهر لهم سحابة فيظنون أنها تمطر عليهم الغيث، فإذا هي تمطر عليهم الحيات والعقارب. ويقال: يسلط عليهم الجوع. ويقال: الجرب.
قوله عز وجل: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أي: رسولاً من الآدميين وَجِئْنا بِكَ يا محمد شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ أي: على أمتك وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ أي: القرآن تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ من الأمر والنهي. إلا أن بعضه مفسر، وبعضه مجمل يحتاج إلى الاستخراج والاستنباط. وقال مجاهد: ما يسأل الناس عن شيء إلا في كتاب الله تبيانه، ثم قرأ:
تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وقال علي بن أبي طالب: «كل شيء علمه في الكتاب إلا أن آراء الرجال تعجز عنه».
ثم قال: وَهُدىً وَرَحْمَةً أي هُدىً من الضلالة وَرَحْمَةً أي: نعمة من العذاب لمن آمن به وعمل بما فيه وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ بالجنة.
[سورة النحل (١٦) : آية ٩٠]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠)
قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ أي: بتوحيد الله، وشهادة أن لا إله إلا الله، وَالْإِحْسانِ إلى الناس، والعفو عن الناس. وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى أي: صلة الرحم وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ أي: عن الزنى ويقال: جميع المعاصي وَالْمُنْكَرِ يعني: ما لا يعرف في شريعة ولا في سنة. ويقال: المنكر ما وعد الله عليه النار وَالْبَغْيِ يعني: الاستطالة والكبر. فقد أمر بثلاثة أشياء، ونهى عن ثلاثة أشياء، وجمع في هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين، وجميع الخصال المحمودة.
وروي عن عثمان بن مظعون أنه قال: ما أسلمت يوم أسلمت إلا حياءً من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أنه كان يدعوني فيعرض عليَّ الإِسلام، فاستحييت منه فأسلمت، ولم يقر الإِسلام في قلبي، فمررت به ذات يوم وهو بفناء داره جالساً محتبياً فدعاني، فجلست إليه، فبينما هو يحدثني إذ رأيت بصره شخص إلى السماء حتى رأيت طرفه قد انقطع، ثم رأيته خفضه عن يمينه، ثم ولاَّني وركه ينفض رأسه كأنه يستفهم شيئاً يقال له: ثم دعا فرفع رأسه إلى السماء ثم خفضه حتى وضعه عن يساره، ثم أقبل عليَّ محمراً وجهه يفيض عرقاً، فقلت: يا رسول الله ما رأيتك صنعت هذا في طول ما كنت أجالسك فقال: «وَلَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ» ؟ قلت: نعم. قال: