[سورة طه (٢٠) : الآيات ٦٧ الى ٧١]
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٦٧) قُلْنا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)ثمّ قال: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى، يعني: أضمر في قلبه الخوف، وخاف أن لا يظفر به إن صنع القوم مثل ما صنع ويقال: خاف من الحيات من جهة الطبع. قُلْنا لاَ تَخَفْ يعني: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى يعني: الغالب.
وفَأَوْجَسَ أي أحسّ ووجد خوفا من سحرهم. فقال تعالى: لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى عليهم بالظفر والغلبة.
قوله عز وجل: وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ، يعني: اطرح ما في يمينك من العصا، تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا يعني: تلقم ما عملوا. إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ، يعني: عمل سحر. قرأ عاصم في رواية حفص تَلْقَفْ بالجزم والتخفيف، وقرأ ابن كثير في الروايتين تَلْقَفْ بالنصب والتشديد وضم الفاء، وقرأ الباقون بجزم الفاء وتشديد القاف لأنه جواب الأمر. وقرأ حمزة والكسائي كيد سحر بغير ألف، وقرأ الباقون كَيْدُ ساحِرٍ، وقال أبو عبيد: بهذا نقرأ، لأن إضافة الكيد إلى الرجل أولى من إضافته إلى السحر. وقرأ بعضهم كَيْدَ سحر بنصب الدال، جعله نصباً لوقوع الفعل عليه وهو قوله تعالى: صَنَعُوا وهذا كما يقول: إنما ضربت زيداً، وقراءة العامة بالضم، لأنه خبر إن، وما اسم، ومعناه: إن الذي صنعوا كيد سحر. وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى، أي: حيثما عمل، ويقال: لا يفوز حيثما كان وذهب.
قوله عز وجل: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً، يعني: من سرعة ما سجدوا كأنهم ألقوا، وهذا قول الأخفش. وقال الفراء والقتبي: وقعوا للسجود قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى يعني، صدقنا به قالَ لهم فرعون: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، يعني: قبل أن آمركم إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ، يعني: موسى لعالمكم. الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ وإنما أراد به التلبيس على قومه، لأنه علم أنهم لم يتعلموا من موسى، وإنما علموا السحر قبل قدوم موسى وقبل ولادته.
ثم قال: فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ، اليد اليمنى والرجل اليسرى.
وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ، يعني: على أصول النخل على شاطئ النيل، وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى يعني: وأدوم، أنا أم رب موسى؟
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ مَآ أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣)