ثم قال: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ، يعني: لحقهم فرعون بجموعه، فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ يعني: أصابهم من البحر ما أصابهم ويقال: علاهم من البحر ما علاهم حين التقى البحر عليهم، ويقال: فغشيهم من البحر ما غرقهم. وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى، يعني: أهلكهم وما نجا بنفسه، ويقال: أضلهم بحمله إياهم على الضلالة، وَما هَدى يعني:
ما هداهم إلى الرشاد وهذا رد لقوله: اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ [غافر: ٣٨] ويقال:
وَما هَدى يعني: ما هداه إلى الصواب.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٨٠ الى ٨٢]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢)
ثم ذكر نعمته على بني إسرائيل فقال عز وجل: يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، يعني: فرعون، وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ يعني: يمين موسى، وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى حيث كانوا في التيه.
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ، يعني: قال لهم: كلوا من حلالات مَا رزقناكم، يعني:
أعطيناكم. قرأ حمزة والكسائي أَنْجَيْتكُمْ وَوَاعَدْتكُمْ مَا رَزَقْتكُمْ الثلاثة كلها بالتاء، وقرأ ابن كثير وعاصم ونافع وابن عامر: الثلاثة بالألف والنون، وقرأ أبو عمرو بالتاء إلا قوله:
وَواعَدْناكُمْ. ثم قال: وَلا تَطْغَوْا فِيهِ، أي: لا ترفعوا منه شيئاً للغد، فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي يعني: فيجب وينزل عليكم عذابي. وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي، يعني: ومن يجب وينزل عليه غضبي، فَقَدْ هَوى يعني: هلك وتردى في النار. قرأ الكسائي فَيَحِلَّ بضم الحاء من يَحْلِلْ بضم اللام، والباقون كلاهما بالكسر. فمن قرأ بالضم يعني: ينزل، ومن قرأ بالكسر يعني: يجب.
ثم قال عز وجل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ، يعني: رجع من الشرك والذنوب وَآمَنَ يعني: صدق بالله ورسله، وَعَمِلَ صالِحاً يعني: خالصا فيما بينه وبين ربه، ثُمَّ اهْتَدى يعني: علم أن لعمله ثواباً، وهذا قول مقاتل. وروى جويبر عن الضحاك: ثُمَّ اهْتَدى أي: ثم استقام، وروى وكيع عن سفيان قال ثُمَّ اهْتَدى، أي: مات على ذلك وقال ابن عباس: ثُمَّ اهْتَدى أي: «مات على السّنّة».
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]
وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤) قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦)