[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤١ الى ٤٣]
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)قوله عز وجل: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ كما استهزأ بك قومك، فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ يعني: نزل بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ، مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ، يعني: العذاب الذي كانوا به يستهزئون.
قوله عز وجل قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ أي: من يحفظكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ أي: من عذاب الرحمن، معناه: من يمنعكم من عذاب الرحمن إلا الرحمن؟ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ، يعني: عن التوحيد والقرآن. مُعْرِضُونَ مكذبون تاركون.
قوله عز وجل: أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ الميم صلة يعني: ألهم آلهة. تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا، يعني: من عذابنا. لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ، يعني: لا تقدر الآلهة أن تمنع نفسها من العذاب أو السوء، إن أرادوا بها فكيف ينصرونكم؟ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ، يعني: يأمنون من عذابنا. وقال مجاهد: يعني: ولا هم منا ينصرون وقال السدي: لا نصحبهم فندفع عنهم في أسفارهم، وقال القتبي: أي لا يجارون، لأن المجير صاحب لمجاره.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]
بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦)
ثم قال عز وجل: بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ، يعني: أجّلناهم وأمهلناهم وَآباءَهُمْ من قبلهم.
حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ، يعني: الأجل. أَفَلا يَرَوْنَ، يعني: أفلا ينظر أهل مكة؟ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها، أي نأخذ ونفتح الأرض نَنقُصُهَا. مِنْ أَطْرافِها؟ ما حول مكة، يعني:
ننقصها لمحمد صلّى الله عليه وسلّم من نواحيها. ويقال: يعني: نقبض أرواح أشراف أهل مكة ورؤسائها. وقال الحسن: هو ظهور المسلمين على المشركين. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: «هو موت فقهائها وذهاب خيارها» وقال الكلبي: يعني: السبي والقتل والخراب: ثم قال تعالى: أَفَهُمُ الْغالِبُونَ؟ يعني: أن الله عزَّ وجلَّ هو الغالب وهم المغلوبون.
ثم قال عز وجل: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ، يعني: بما نزل من القرآن. وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ، يعني: أن من يتصامم لا يسمع الدعاء إِذا ما يُنْذَرُونَ يخوَّفون. قرأ ابن عامر وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعاء بالتاء بلفظ المخاطبة، ومعناه: أن لا تقدر أن تسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون، يعني: إذا خوّفوا، وقرأ الباقون وَلا يَسْمَعُ بالياء على وجه الحكاية عنهم.