[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣)ثم قال عز وجل: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ، يعني: يعرض عليهم القرآن. تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ، يعني: الغم والحزن والكراهية. يَكادُونَ يَسْطُونَ، يعني:
هموا لو قدروا يضربون ويبطشون أشد البطش بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا، يعني: يقرءون عليهم القرآن. وقال القتبي: يَسْطُونَ يعني: يتناولونهم بالمكروه من الضرب والشتم.
ويقال: يَسْطُونَ يعني: يفرضون عليهم، والسطوة العقوبة.
قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ، يعني: بأشد وأسوأ من ضربكم وبطشكم ويقال:
إنهم كانوا يسخرون من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورثاثة حالهم. قال الله تعالى: قل لهم يا محمد:
أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ يعني: مما قلتم للمؤمنين؟ قالوا: ما هي؟ قال: النَّارُ. وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: للكافرين. قوله: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ الذي صاروا إليه.
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ يعني: بين ووصف شبه به لآلهتكم، أي أجيبوا عنه. وقال بعضهم: ليس هاهنا مثل، وإنما أراد به قطع الشغب لأنهم كانوا يقولون: لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ [فصلت: ٢٦]، فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ، فاصغوا إليه استماعاً للمثل. فأوقع في أسماعهم عيب آلهتهم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، ويقال: معناه مثلكم مثل من عبد آلهة، لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً، لن يقدروا على خلق الذباب.
ويقال: المثل في الآية لا غير، وهو قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً، أي لن يقدروا أن يخلقوا ذباباً من الذباب في المثل. وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، يعني: على تخليقه.
ثم ذكر من أمرها ما هو أضعف من خلق الذباب، فقال: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً، وذلك أنَّهم كانوا يلطخون العسل على فم الأصنام، فيجيء الذباب فيسلب منها ما لطخوا عليها.
لاَّ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، أي لا يقدرون أن يستنقذوا من الذباب ما أخذ منهم. ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ، يعني: الذباب والصنم، ويقال: ضعف العابد والمعبود.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٤ الى ٧٦]
مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦)
قوله عز وجل: مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، يعني: ما عظموا الله حق عظمته، حين أشركوا به غيره ولم يوحدوه. ويقال: ما وصفوه حق صفته ويقال: ما عرفوه حق معرفته كما ينبغي.