قوله: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ من العذاب وما صلة. ويقال: إن أريتني عذابهم. رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، يعني: أخرجني منهم قبل أن تعذبهم، فلا تعذبني معهم بذنوبهم. وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ من العذاب لَقادِرُونَ قال الكلبي:
هذا أمر قد كان بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، شهده أصحابه وقد مضى بعد الفتنة التي وقعت في الصحابة، بعد قتل عثمان رضي الله عنه وذكر: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم ير بعد نزول هذه الآية ضاحكاً ولا مبتسماً. وقال مقاتل: وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ يعني: يوم بدر، ويقال: يوم فتح مكة، ويقال: قل: رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ
يعني: الفتنة رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، يعني: مع الفئة الباغية، وهذا كقوله: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال: ٢٥]. وذكر عن الزبير أنه كان إذا قرأ هذه الآية، يقول: «قد حذرنا الله تعالى فلم نحذر».
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٦ الى ٩٨]
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)
ثم قال عز وجل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ، يعني: ادفع بحلمك جهلهم، ويقال:
بالكلام الحسن الكلام القبيح، ويقال: ادفع بقول لا إله إلا الله الشرك من أهل مكة. ثم قال:
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ، يعني: بما يقولون من الكذب. ويقال: معناه نحن أعلم بما يقولون فلا تعجل أنت أيضاً. وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ، يعني: أعتصم بك من نزغات الشيطان وضرباته ووساوسه. ثم قال: وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ، يعني: قل: رب أعوذ بك من قبل أن يحضرني الشياطين عند تلاوة القرآن، ويقال: يَحْضُرُونِ عند الموت، ويقال: عند الصلاة.
وأصله: أن يحضرونني، إلا أنه يكتب يَحْضُرُونِ بحذف إحدى النونين للتخفيف.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٩ الى ١٠٥]
حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣)
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥)
قوله عز وجل: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ، يعني: أمهلهم وأجلهم، حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت وهم الكفار، قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ يعني: يقول لملك الموت وأعوانه: يا سيدي ردني، ويقال: يدعو الله تعالى، ويقول: يا رب ارجعون، ويقال: إنما قال بلفظ