الجماعة، لأن العرب تخاطب جليل الشأن بلفظ الجماعة. ويقال: معناه يا رب مرهم ليرجعوني إلى الدنيا. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً يعني: خالصاً فِيما تَرَكْتُ في الدنيا.
قال الله تعالى: كَلَّا وهو رد عليهم، يعني: أنه لا يرد إلى الدنيا. ثم قال: إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها يعني: يقولها ولا تنفعه.
ثم قال: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ يعني: من بعدهم القبر إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ والبرزخ ما بين الدنيا والآخرة، ويقال: بين كل شيئين حاجز فهو برزخ، ويقال: هو بين النفختين، وقال قتادة: البرزخ بقية الدنيا، وقال الحسن: القبر بين الدنيا والآخرة.
قوله عز وجل: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ يعني: النفخة الأخيرة، فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يعني: لا ينفعهم يَوْمَئِذٍ النسبُ، وَلا يَتَساءَلُونَ عن ذلك. فهذه حالات لا يتساءلون في موضع، ويتساءلون في موضع آخر. فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ يعني: رجحت حسناته على سيئاته، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يعني: الناجون في الآخرة، وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ يعني:
رجحت سيئاته على حسناته، فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ قوله تعالى: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ يعني: تنفح. قال أهل اللغة: النفح واللفح بمعنى واحد، إلا أن اللفح أشد تأثيراً وهو الدفع، يعني: تضرب وجوههم النار. وَهُمْ فِيها يعني:
في النار، كالِحُونَ يعني: كلحت وعبست وجوههم، والكالح: الذي قد قلصت شفتاه عن أسنانه، ونحو ما تُرى من رؤوس الغنم مشوية إذا بدت الأسنان، يعني: كلحت وجوههم فلم تلتق شفاههم. وقال ابن مسعود: «كالرأس النضيج».
ثم قال: أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ يعني: ألم يكن يقرأ عليكم القرآن فيه بيان هذا اليوم، وما هو كائن فيه؟ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ يعني: بالآيات.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٠٦ الى ١١١]
قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠)
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١)
قوله عز وجل: قالُوا رَبَّنا يعني: الكفار غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا التي كتبت علينا، والتي قدرت علينا في اللوح المحفوظ. وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ عن الهدى. قرأ حمزة والكسائي شقاوتنا بنصب الشين والألف، وقرأ الباقون شِقْوَتُنا بكسر الشين وسكون القاف بغير ألف. وروي عن ابن مسعود: شقاوتنا وشِقْوَتُنا ومعناهما قريب. رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها يعني: من النار، فَإِنْ عُدْنا إلى الكفر والتكذيب، فَإِنَّا ظالِمُونَ أي: فحينئذٍ يقول الله