قالَ فِرْعَوْنُ لموسى وَما رَبُّ الْعالَمِينَ منكراً له، وهذا جواب لقوله: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
فجاء بجواب قطع حجته قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بتوحيد الله تعالى. فعجز فرعون عن الجواب قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ إلى قول موسى عليه السلام قَالُواْ له: فما تقول يا موسى؟ فجاء بحجة أُخرى ليؤكد عليهم قالَ رَبُّكُمْ يعني: أدعوكم إلى ربكم وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ يعني: إلى توحيد خالقكم وخالق آبائكم الأولين. قالَ فرعون لجلسائه: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قالَ موسى عليه السلام ليس بمجنون مثلي أدعوكم إلى رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ يعني: إن كان لكم ذهن الإنسانية.
فلما عجز عن الجواب، مال إلى العقوبة كما يفعل السلاطين قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي يعني: لئن عبدت رباً غيري. لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ يعني: لأحبسنك في السجن. قال ابن عباس: «وكان سجنه أشد من القتل» قالَ موسى أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ يعني: ولو جئتك بحجة بينة يستبين لكم أمري قالَ فرعون فَأْتِ بِهِ يعني: فَأَرِنَاهُ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ بأنك رسول فَأَلْقى عَصاهُ من يده فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ يعني: حية صفراء من أعظم الحيات وَنَزَعَ يَدَهُ يعني: أخرج يده فقال لهم: ما هذه؟ فقالوا: يدك، فأدخلها في جيبه وأخرجها فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ يعني: لها شعاع غلب شعاع الشمس، وانتشر الضوء حوالي مصر للناظرين، لمن نظر إليها من غير برص، فعجبوا من ذلك.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٣٤ الى ٥١]
قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ (٣٥) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨)
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢) قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣)
فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨)
قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)


الصفحة التالية
Icon