يعني: بالقرآن، فهذا منة من الله تعالى، حيث خاطبهم بلغتهم ليفهموه. وقال القتبي: في قوله عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ يقال: رجل أعجمي إذا كان في لسانه عجمة، وإن كان من العرب، ورجل عجمي بغير ألف إذا كان من العجم وإن كان فصيح اللسان.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠٠ الى ٢٠٧]
كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤)
أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ مَّا كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)
ثم قال عز وجل: كَذلِكَ سَلَكْناهُ يعني: جعلنا التكذيب بالقرآن فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ يعني: المشركين مجازاة لهم، أي طبع على قلوبهم، وسلك فيها التكذيب. ويقال:
جعل حلاوة الكفر في قلوبهم لا يُؤْمِنُونَ يعني: بالقرآن ويقال: بمحمد صلّى الله عليه وسلّم حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ في الدنيا والآخرة فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً يعني: يأتيهم العذاب فجأة وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ به فيتمنون الرجعة والنظرة فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ فلما وعدهم العذاب قالوا:
فأين العذاب؟ تكذيباً به. يقول الله تعالى: أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ يعني: أبمثل عذابنا يستهزئون ثم قال أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ يعني: سنين الدنيا كلها. ويقال: سنين كثيرة ثُمَّ جاءَهُمْ مَّا كانُوا يُوعَدُونَ من العذاب.
قال عز وجل: مَا أَغْنى عَنْهُمْ يعني: ما ينفعهم مَّا كانُوا يُمَتَّعُونَ في الدنيا.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠٨ الى ٢١٣]
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)
فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣)
ثم خوفهم فقال: وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ يعني: من أهل قرية فيما خلا إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ يعني: رسلاً ينذرونهم ذِكْرى يعني: العذاب تذكرة وتفكراً، قال بعضهم: إن ذِكْرى في موضع النصب. وقال بعضهم: في موضع رفع. أما من قال: في موضع النصب، فيقول: لها منذرون يذكرونهم ذكرى، يعني: يعظونهم عظة. ومن قال: إنه في موضع رفع فيقول: لها منذرون هم ذكرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ يعني: بإهلاكنا إياهم.
ثم قال عز وجل: وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ. روي عن الحسن أنه قرأ وما تنزلت به الشياطون شبههُ بقوله: كافرون ومسلمون. قال أبو عبيدة: وهذا وهم، لأن واحدها شيطان، والنون فيه أصلية، أما مسلمون وكافرون فالنون فيهما زائدة في الجمع، لأن واحدهما مسلم وكافر. وقال بعضهم: هذا غلط على الحسن، لأنه كان فصيحاً لا يخفى عليه، وإنما الغلط من الراوي، ومعنى الآية: أن المشركين كانوا يقولون: إن الشيطان هو الذي يقرأ عليه. قال الله


الصفحة التالية
Icon