[سورة النمل (٢٧) : الآيات ١٣ الى ١٤]
فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)قوله: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا يعني: جاءهم موسى بآياتنا التسع مُبْصِرَةً يعني: معاينة.
ويقال: مبينة، يعني: علامة لنبوته، ويقال: مُبْصِرَةً يعني: مضيئة واضحة قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ أي بيّن وَجَحَدُوا بِها يعني: بالآيات بعد المعرفة وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ أنها من الله تعالى، وإنما استيقنتها قلوبهم، لأن كل آية رأوها استغاثوا بموسى، وسألوا بأن يكشف عنهم، فكشفنا عنهم، فظهر لهم بذلك أنه من الله تعالى. وفي الآية تقديم ومعناه: وجحدوا بها ظُلْماً يعني: شركاً وَعُلُوًّا يعني: تكبراً وترفعاً عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى وَاسْتَيْقَنَتْها أنفسهم يعني: وهم يعلمون أنها من الله تعالى.
ثم قال: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ يعني: الذين يفسدون في الأرض بالمعاصي، فكانت عاقبتهم الغرق.
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ١٥ الى ١٩]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩)
قوله عز وجل: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً يعني: علم القضاء، والعلم بكلام الطير والدوابّ وَقالا يعني: داود وسليمان الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بالكتاب والنبوة وكلام الطير والبهائم والملك، ويقال: فَضَّلَنَا على كَثِيرٍ مِّنْ الأنبياء، حيث لم يعط أحداً من الأنبياء عليهم السلام ما أعطانا. وقال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكاً، وأقضى من داود، وكان داود أشدَّ تعبداً من سليمان عليهما السلام.
ثم قال عز وجل: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ يعني: ورث ملكه. وقال الحسن: ورث المال والملك لا النبوة والعلم، لأن النبوة والعلم فضل الله تعالى، ولا يكون بالميراث ويقال: ورث العلم والحكم لأن الأنبياء عليهم السلام لا يورثون دراهم ولا دنانير.
وَقالَ سليمان لبني إسرائيل: يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ يعني: أفهمنا وألهمنا منطق الطير، وذلك أن سليمان كان جالساً في أصحابه إذ مرّ بهم طير يصوت، فقال لجلسائه: