الماء، فشمّرت ثيابها كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها
فنظر سليمان إلى ساقيها وكانت شعراء، فاستشار سليمان الإنس في ذلك، فأشاروا عليه بالموسى، فقال سليمان: الموسى تخدش ساقيها، فاستشار الجن فأشاروا عليه بالنورة، فأصل النورة من ذلك الوقت.
وروي أن سليمان ما نظر إلى ساق أحسن الساقين ولا خلاف بين الروايتين، لأنه يكون أحسن الساقين شعراوين. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت:
«أنا أحسن ساقين أم بلقيس؟ فقال لها النبي عليه السلام: «كانت هي أحسن ساقين منك في الدّنيا، وأنت أحسن ساقين منها في الآخرة» فلما كشفت عن ساقيها قال لها سليمان: لا تكشفي عن ساقيك الَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
يقول قصر مملس، ولهذا سمّي أمرد الذي لم ينبت له الشعر ويقال: ممرد يعني، قوي شديد، كما يقال شيطان مريدنْ قَوارِيرَ
يعني: من الزجاج، فلما رأت السرير والصرح، علمت أن ملكها ليس بشيء عند ملك سليمان، وأن ملكه من الله تعالى، وأنه نبي حقا. ثم إن سليمان دعاها إلى الإسلام فأجابت، فذلك قوله تعالى الَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
بعبادتي للشمس أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ
وأخلصت ديني لله تعالى مع سليمان بالتوحيد ويقال: عَ سُلَيْمانَ
يعني: أسلمت على يدي سليمان لله بِّ الْعالَمِينَ
وتابت إلى الله تعالى من شركها قال مقاتل: فاتخذها سليمان لنفسه، فولدت له داود بن سليمان قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هي أحسن ساقين من نساء العالمين وهي من أزواج سليمان في الجنّة».
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩)
قوله عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ يعني: أمرهم بأن يعبدوا الله ويطيعوه ويوحدوه فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ مؤمنون وكافرون، فإذا قوم صالح مؤمن وكافر يختصمون، يقول كل فريق: الحق معي، وقد ذكرنا خصومتهم في سورة الأعراف وهي قوله: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الأعراف: ٧٥] الآية وطلبت الفرقة الكافرة على تصديق صالح العذاب، قالَ لهم صالح عليه السلام يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ، يعني: بالعذاب قَبْلَ الْحَسَنَةِ، يعني: العافية. ويقال: التوبة، وهو قولهم: يا صالح إن كان ما أتيت به حقاً، فأتنا بما تعدنا من العذاب.