[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧٦ الى ٧٨]

إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧) قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)
قوله عز وجل: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى يعني: من بني إسرائيل. ويقال: كان ابن عم موسى فَبَغى عَلَيْهِمْ يعني: تطاول وتكبر على بني إسرائيل، وكان فرعون قد ملكه على بني إسرائيل حين كانوا بمصر، فلما قطع موسى البحر ببني إسرائيل ومعه قارون، وأغرق الله تعالى فرعون وجنوده، ورجع موسى عليه السلام ببني إسرائيل إلى أرض مصر وسكنوا ديارهم كما قال في رواية أُخرى وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ [الشعراء: ٥٩] وجعلت الحبورة لهارون، وهو الرأس الذي يقرّب القربان. فقال قارون لموسى: لك النبوة ولهارون الحبورة والمذبح، وأنا لست في ذلك من شيء. فقال له موسى: أنا لم أفعل ذلك، ولكن الله تعالى فعل ذلك. فقال له قارون: لا أصدقك على هذا، واعتزل قارون ومن تبعه من بني إسرائيل، وكان كثير المال والتبع.
وروي عن الحسن أنه قال: إنّ أول من شرف الشرف قارون، لما بنى داره وفرغ منها، وشرفها وصنع للناس طعاماً سبعة أيام، يجمعهم كل يوم ويطعمهم.
وروي عن ابن عباس أنه قال: «لما أمر الله تعالى موسى بالزكاة قال لقارون: إن الله تعالى أمرني أن آخذ من مالك الزكاة، فأعط من كل مائتي درهم خمسة دراهم، فلم يرض بذلك ثمّ قال له: اعط من كل مائتي درهم درهماً، فلم يرض بذلك، فقال له: اعط من كل ألف درهم درهماً، فلم يرض بذلك. وقال لبني إسرائيل: إن موسى لم يرض حتى تناول أموالكم، فما ترون؟ قالوا: رأينا لرأيك تبع. قال: فإني أرى أن ترموه فتهلكوه، فبعثوا إلى امرأة زانية، فأعطوه حكما على أن ترميه بنفسها، ثم أتوه في جماعة بني إسرائيل فقالوا: يا موسى، ما على من يسرق من الحرز؟ قال: تقطع يده. قالوا: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا. قالوا: وما على الزاني إذا زنى؟ قال: يرجم. قالوا: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا. قالوا: فأنت قد زنيت. قال: أنا، وجزع من ذلك، فأرسلوا إلى المرأة، فلما جاءت وعظها وعظم عليها موسى الحلف بالله، وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التَّورَاة على موسى إلا صدقت.
قالت: أما إذا حلفتني، فإني أشهد أنك بريء، وإنك رسول الله. وقالت: أرسلوا إليَّ فأعطوني حكمي على أن أرميك بنفسي. قال: فخرّ موسى عليه السلام لله ساجداً يبكي، فأوحى الله تعالى


الصفحة التالية
Icon