في مَلإٍ أَكْبَرَ مِنَ المَلإِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِمْ وَأَطْيَبَ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنَ الله شِبْراً تَقَرَّبَ الله مِنْهُ ذِرَاعاً يعني: بإجابته وتوفيقه ورحمته وَمَنْ تَقَرَّبَ إلى الله تَعَالَى ذِرَاعاً تَقَرَّبَ الله مِنْهُ باعاً، وَمَنْ أتَى الله مَاشِياً الله أتاهُ هَرْوَلةً» «١»، يعني: بإجابته وتوفيقه ورحمته.
ثم قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ من الخير والشر فيجازيكم به.
قوله عز وجل: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ قال مقاتل: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ يعني: مؤمنيهم، ثم استثنى كفارهم، فقال: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ يعني: إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا فيها تقديم، ثم نسخته آية قتال أهل الكتاب. وقال الكلبي: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إن الله عز وجل أمر المسلمين إذ كانوا بمكة قبل أن يأمرهم بالقتال، فقال: وَلا تُجادِلُوا من أتاكم من أهل الكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بالقرآن تعظونهم به، وتدعونهم إلى الإسلام، وهي التي أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ في الملاعنة، وهم أهل نجران. ويقال: لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ يعني: لا تخاصموهم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ يعني: إلا بالكلمة التي هي أحسن يعني: كلمة التوحيد إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ يعني: ولا الذين ظلموا منهم. ويقال: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فلا بأس بأن تجادلوهم بما هو أشد.
ثم بيّن الكلمة التي هي أحسن، فقال: وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ يعني:
القرآن والتوراة. وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ يعني: ربنا وربكم وَاحِدٌ. وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ يعني:
مخلصين بالتوحيد.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]
وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (٤٩) وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠)
ثم قال عز وجل: وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ يعني: القرآن، كما أنزلنا إلى موسى وعيسى عليهما السلام فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وهم مؤمنو أهل الكتاب يُؤْمِنُونَ بِهِ يعني:
يصدقون بالقرآن وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يعني: قريشا وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا يعني:
بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وبالقرآن إِلَّا الْكافِرُونَ من اليهود ومشركي العرب.
ثم قال عز وجل: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ يعني: قبل القرآن وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ