هكذا يا رسول الله. فقال: «لَسْتُ بِشَاعِرٍ وَلا يَنْبَغِي لِي أنْ أَتَكَلَّمَ بِالشِّعْر». فإن قيل: روي عنه أنه كان يتكلم بالشعر لأنه ذكر أنه قال:
أنَا النَّبِيُّ لا كَذِب | أنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ |
هَلْ أنْتِ إلاَّ إصْبَعٌ دَمِيت | وِفِي كِتَابِ الله مَا لَقِيت |
بِسْمِ الإله وبه هدينا | وَلَوْ عَبَدْنَا غَيْرَهُ شقِينَا |
ثم قال عز وجل: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا يعني: من كان مؤمناً، لأن المؤمن هو الذي يقبل الإنذار. ويقال: مَنْ كانَ حَيًّا يعني: عاقلاً راغباً في الطاعة. قرأ نافع وابن عامر:
لتنذر بالتاء على معنى المخاطبة. يقول: لتنذر يا محمد. وقرأ الباقون: بالياء على معنى الخبر عنه. يعني: لتنذر يا محمد. ويقال: يعني: لتنذر بالقرآن من كان مهتدياً في علم الله تعالى الأزلي وَيَحِقَّ الْقَوْلُ يعني: وجب العذاب عَلَى الْكافِرِينَ يعني: قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ [الأعراف: ١٨] ثم وعظهم ليعتبروا:
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٧١ الى ٧٦]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦)
فقال عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ يعني: أولم ينظروا فيعتبروا فيما أنعم الله عز وجل عليهم.
قوله: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً يعني: أنا خلقنا لهم بقوتنا، وبقدرتنا، وبأمرنا، أَنْعاماً يعني: الإبل، والبقر، والغنم، فَهُمْ لَها مالِكُونَ يعني: الأنعام. وقال قتادة:
يعني: ما في بطونها وَذَلَّلْناها لَهُمْ يعني: سخرناها لهم، فيحملون عليها، ويسوقونها حيث شاؤوا، فلا تمتنع منهم فَمِنْها رَكُوبُهُمْ في انتفاعهم وحوائجهم وَمِنْها يَأْكُلُونَ من الإبل،