شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)
[فصلت: ٤٠] ويقال: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ معناه:
أنه يلقى في النار مغلولاً، لا يتهيأ له أن يتقي النار إلا بوجهه، يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ يعني: للكافرين، ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ من التكذيب.
قوله عز وجل: كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: من قبل قومك، رسلهم، فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ يعني: لا يعلمون، ولا يحتسبون، وهم غافلون. فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ العذاب فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ يعني: أعظم مما عذبوا به في الدنيا لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ولكنهم لا يعلمون.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٢٧ الى ٣١]
وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)
قوله عز وجل: وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ يعني: بيّنا في هذا القرآن من كل شيء. وقد بيّن بعضه مفسراً، وبعضه مبهماً مجملاً، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي:
لكي يتعظوا قُرْآناً عَرَبِيًّا يعني: أنزلناه قرآناً عربياً بلغة العرب غَيْرَ ذِي عِوَجٍ يعني: ليس بمختلف، ولكنه مستقيم. ويقال: غير ذي تناقض. ويقال: غير ذي عيب. ويقال: غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أي: غير مخلوق. قال أبو الليث رحمه الله: حدثنا محمد بن داود. قال: حدثنا محمد بن أحمد بإسناده. قال: حدثنا أبو حاتم الداري، عن سليمان بن داود العتكي، عن يعقوب بن محمد بن عبد الله الأشعري، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال: في قوله تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ قال: غير مخلوق لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: لكي يتقوا الشرك ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا أي: بيّن شبهاً رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ أي: عبداً بين موالي مختلفين يأمره، هذا بأمر، وينهاه هذا عنه. ويقال:
مُتَشاكِسُونَ أي: مختلفون، يتنازعون، وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ أي: خالصاً لرجل لا شركة فيه لأحد. قرأ ابن كثير، وأبو عمر، سَالِماً بالألف، وكسر اللام. والباقون سَلَماً بغير ألف، ونصب السين. فمن قرأ: سَالِماً فهو اسم الفاعل على معنى سلم، فهو سالم. ومعناه:
الخالص. ومن قرأ سَلَماً فهو مصدر. فكأنه أراد به رجلاً ذا سلم لرجل. ومعنى الآية: هل يستوي من عبد آلهة مختلفة، كمن عبد رباً واحداً. وقال قتادة: الرجل الكافر، والشركاء الشياطين، والآلهة، وَرَجُلاً سَلَماً. المؤمن يعمل لله تعالى وحده. وقال بعضهم: هذه المثل