يعني: يقال لهم ذلك الخلود بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ يعني: إذا قيل لكم لا إله إلا الله جحدتم، وأقمتم على الكفر، وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا يعني: إذا دعيتم إلى الشرك، وعبادة الأوثان، تصدقوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ يعني: القضاء فيكم لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ أي:
الرفيع فوق خلقه، القاهر لخلقه، الْكَبِيرِ بالقدرة، والمنزلة.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ١٣ الى ١٩]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (١٤) رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لاَ يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧)
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩)
ثم قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ يعني: عجائبه، ودلائله، من خلق السموات والأرض، والشمس، والقمر، والليل، والنهار، وذلك أنه لما ذكر ما يصيبهم يوم القيامة، عظم نفسه تعالى.
ثم ذكر لأهل مكة من الدلائل ليؤمنوا به، فقال: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً يعني: المطر. ويقال: الملائكة لتدبير الرزق. وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ يعني: ما يتعظ بالقرآن، إلا من يقبل إليه بالطاعة. ويقال: وَما يَتَذَكَّرُ في هذا الصنيع، فيوحد الرب إلا من يرجع إليه، فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ يعني: اعبدوه بالإخلاص، وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ يعني: وإن شق ذلك على المشركين، الكافرين. رَفِيعُ الدَّرَجاتِ يعني: رافع، وخالق السموات. أي: مطبقاً بعضها فوق بعض. ويقال: هو رافع الدرجات في الدنيا بالمنازل، وفي الآخرة الجنة ذو الدرجات، ذُو الْعَرْشِ يعني: رافع العرش. ويقال:
خالق العرش، هو رب العرش يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ يعني: ينزل جبريل بالوحي عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وهو النبي صلّى الله عليه وسلم، لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يعني: ليخوف بالقرآن. وقرأ الحسن:
لتنذر بالتاء على معنى المخاطبة. يعني: لتنذر يا محمد. وقراءة العامة بالياء يعني: لينذر الله. ويقال: لِيُنْذِرَ من أنزل عليه الوحي يَوْمَ التَّلاقِ قرأ ابن كثير: يَوْمَ التَّلاَقِي بالياء.