وهي إحدى الروايتين عن نافع، والباقون بغير ياء. فمن قرأ بالياء فهو الأصل. ومن قرأ بغير ياء، فلأن الكسر يدل عليه. وقال في رواية الكلبي: يَوْمَ التَّلاقِ يوم يلتقي أهل السموات، وأهل الأرض. ويقال: يوم يلتقي الخصم، والمخصوم، يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ أي: ظاهرين، خارجين من قبورهم، لاَ يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ يعني: من أعمال أهل السموات، وأهل الأرض.
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ قال بعضهم: هذا بين النفختين. يقول الرب تبارك وتعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ فلا يجيبه أحد، فيقول لنفسه: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ. قال بعضهم: إن ذلك لأهل الجمع يوم القيامة. يقول: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فأقر الخلائق كلهم، وقالوا: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.
يقول الله تعالى: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ يعني: مَّا عَمِلَتْ في الدنيا من خير أو شر، لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ وقد ذكرناه، وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ يعني:
خوفهم بيوم القيامة. فسمي الأزفة لقربه. ويقال: أزف شخوص فلان يعني: قرب كما قال أَزِفَتِ الآزفة.
ثم قال: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ من الخوف، لا تخرج، ولا تعود إلى مكانها، كاظِمِينَ أي: مغمومين يتردد خوفهم في أجوافهم مَا لِلظَّالِمِينَ يعني: المشركين مِنْ حَمِيمٍ أي قريب، وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ أي: له الشفاعة فيهم. يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ هذا موصول بقوله: لاَ يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ وهو يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ. وقال أهل اللغة:
الخائنة والخيانة واحدة، كقوله: وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ [المائدة: ١٣]. وقال مجاهد:
خائِنَةَ الْأَعْيُنِ يعني: نظر العين إلى ما نهى الله عنه. وقال مقاتل: الغمزة فيما لا يحل له، والنظرة إلى المعصية. ويقال: النظرة بعد النظرة. وقال قتادة: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ يعني:
يعلم غمزه بعينه، وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى، وَما تُخْفِي الصُّدُورُ.
[سورة غافر (٤٠) : آية ٢٠]
وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠)
وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ أي: يحكم بالحق. ويقال: يأمر بما يجب به الثواب، وينهى عما يجب به العقاب. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ يعني: يعبدون من الآلهة. قرأ نافع، وابن عامر:
تَدْعُونَ بالتاء على معنى المخاطبة. والباقون، بالياء على معنى الخبر عنهم.
لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ يعني: ليس لهم قدرة، ولا يحكمون بشيء، إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ يعني: السَّمِيعُ لمقالة الكفار الْبَصِيرُ بأعمالهم.


الصفحة التالية
Icon