حجة أَتاهُمْ من الله. إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُمْ بِبالِغِيهِ أي: ما في قلوبهم إلا عظمة مَّا هُمْ بِبالِغِيهِ يعني: ما هم ببالغي ذلك الكبر الذي في قلوبهم، بأن الدجال منهم. وقال القتبي: إِنْ في صُدُورِهِمْ إِلاَّ تكبراً على محمد صلّى الله عليه وسلم، وطمعاً أن يغلبوه، وما هم ببالغي ذلك.
وقال الزجاج: معناه وما هم ببالغي إرادتهم، وإرادتهم دفع آيات الله. وروى أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية قال: إن اليهود ذكروا الدجال، وعظموا أمره، فنزل: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ يعني: إن الدجال من آيات الله فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من فتنة الدجال، فإنه ليس ثم فتنة أعظم من فتنة الدجال. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لقول اليهود، الْبَصِيرُ يعني:
العليم بأمر الدجال. ويقال: السَّمِيعُ لدعائك، الْبَصِيرُ برد فتنة الدجال عنك.
لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ قال الكلبي ومقاتل: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أعظم من خلق الدجال. ويقال: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أعظم من خلق الناس بعد موتهم. يعني: أنهم يبعثون يوم القيامة، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ أن الدجال خلق من خلق الله. ويقال: لا يعلمون أن الله يبعثهم، ولا يصدقون.
وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ يعني: الكافر، والمؤمن في الثواب، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ يعني: لا يستوي الصالح، مع الطالح، قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ أي: يتعظون، ويعتبرون. قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: تَتَذَكَّرُونَ بالتاء على وجه المخاطبة. والباقون: بالياء يَتَذَكَّرُونَ على معنى الخبر عنهم. وفي كلا القراءتين مَا للصلة، والزينة.
إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيها يعني: قيام الساعة آتية لا شك فيها عند المؤمنين، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ أي: لا يصدقون الله تعالى.
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قال الكلبي معناه: وحدوني، أغفر لكم. وقال مقاتل: معناه: وقال ربكم لأهل الإيمان، ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي أي: عن توحيدي، فلا يؤمنون بي، ولا يطيعونني. سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ أي:
صاغرين. ويقال: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي يعني: الدعاء بعينه: أَسْتَجِبْ لَكُمْ يعني:
أستجب دعاءكم. وقال بعض المتأخرين: معناه ادعوني بلا غفلة، أستجب لكم بلا مهلة.
وقيل أيضاً: ادعوني بلا جفاء، أستجب لكم بالوفاء. وقيل أيضاً: ادعوني بلا خطأ، أستجب لكم مع العطاء. وروى النعمان بن بشير، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ، ثُمَّ قرأ: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ» قرأ ابن كثير، وعاصم، في رواية أبي بكر، وإحدى الروايتين، عن أبي عمرو: