قوله تعالى: مَّا يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ يعني: اصبر على مقالة الكفار، فإنهم لا يقولون من التكذيب لك، إلا ما قد قيل للرسل من قبلك من التكذيب.
ويقال: معناه مَّا يُقالُ لَكَ يعني: لا يؤمر لك. يعني: في الرسالة إلا ما قد قيل للرسل من قبلك، بأن يعبدوا الله. فيقال لك: أن تعبد الله أيضاً. ويقال: مَّا يُقالُ لَكَ إلا بأن تبلغ الرسالة، إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ بأن يبلغوا الرسالة، إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ قال مقاتل: أي ذو تجاوز في تأخير العذاب عنهم إلى أجلهم. وقال الكلبي: إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لمن تاب من الشرك، وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ لمن لم يتب، ومات على الكفر.
قوله عز وجل: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا يعني: لو أنزلناه بلسان العبرانية، لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ يعني: هلا بيّن بالعربية. ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ويقولون: القرآن أعجمي، والرسول عربي، فكان ذلك أشد لتكذيبهم. قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم، في رواية أبي بكر: بهمزتين بغير مد. والباقون بهمزة واحدة مع المد، ومعناهما واحد ويكون على معنى الاستفهام. وقرأ الحسن أَعْجَمِىٌّ بهمزة واحدة بغير مد. ويكون على غير وجه الاستفهام.
وقرأ بعضهم أَعْجَمِىٌّ بنصب العين، والجيم. يقال: رجل عجمي إذا كان من العجم، وإن كان فصيحاً. ورجل أعجمي إذا كان لا يفصح، وإن كان من العرب.
ثم قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً يعني: القرآن هدى للمؤمنين من الضلالة، وَشِفاءٌ أي: شفاء لما في الصدور من العمى، وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالاخرة، فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ يعني: ثقل، وصم، وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى عَمي بالكسر على معنى النعت، وقراءة العامة بالنصب. يعني: القرآن عليهم حجة، وهذا قول الكلبي. وقال مقاتل: يعني: عموا عنه فلا ينظرونه، ولا يفهمونه. وروي عن ابن عباس أنه قرأ: وهو عليهم عم بالكسر على معنى النعت، وقراءة العامة بالنصب، على معنى المصدر. كما أنه قال: هُدىً وَشِفاءٌ على معنى المصدر.


الصفحة التالية
Icon