قوله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ يعني: لو وسع الله تعالى عليهم المال لَبَغَوْا أي: لطغوا فِي الْأَرْضِ وعصوا وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشاءُ يعني: يوسع على كل إنسان، بمقدار صلاحه في ذلك، قال أبو الليث رحمه الله: حدّثنا أبو القاسم، حمزة بن محمد قال: حدّثنا أبو القاسم، أحمد بن حمزة، قال: حدّثنا نصر بن يحيى، قال: سمعت شقيق بن إبراهيم الزاهد يقول: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ قال: لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب، لتفرغوا وتفاسدوا في الأرض، ولكن شغلهم بالكسب، حتى لا يتفرغوا للفساد.
ثم قال: إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ يعني: بالبر، والفاجر، والمؤمن، والكافر. ويقال:
يعني: عالم بصلاح كل واحد منهم. قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ يعني: المطر مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا أي: حبس عنهم وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ يعني: المطر وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ يعني: الولي للمطر يرسله مرة بعد مرة الْحَمِيدُ يعني: أهل أن يحمد على صنعه.
قوله عز وجل: وَمِنْ آياتِهِ يعني: من علامات وحدانيته خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: خلقين عظيمين، لا يقدر عليهما بنو آدم، ولا غيرهم وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ يعني:
ما خلق فِى السموات والأرض من خلق أو بشر فيهما وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ يعني: على إحيائهم للبعث إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ يعني: قادر على ذلك. ويقال: وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ يعني: في الأرض خاصة كما قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) [الرحمن: ٢٢] يعني: من أحدهما ثم قال وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ يعني: ما تصابون من مصيبة في أنفسكم، وأموالكم فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ يعني: يصيبكم بأعمالكم، ومعاصيكم وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ يعني: ما عفى الله عنه، فهو أكثر.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «ألا أخبركم بأرجى آية في كتاب الله، أنزلت على النبي صلّى الله عليه وسلم؟ قالوا بلى. فقرأ عليهم: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قال: فالمصائب في الدنيا بكسب الأيدي، وما عفى الله تعالى عنه في الدنيا، ولم يعاقب، فهو أجود وأمجد، وأكرم من أن يعذب فيه يوم القيامة.
وعن الضحاك قال: ما تعلم رجل القرآن، ثم نسيه، إلا بذنب. ثم قرأ: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأي: مصيبة أعظم من نسيان القرآن. قرأ نافع وابن عامر «بما كسبت أيديكم» بحذف الفاء. ويكون ما بمعنى الذي، ومعناه الذي أصابكم وقع بما كسبت أيديكم. وقرأ الباقون: فَبِما كَسَبَتْ بالفاء، وتكون الفاء جواب الشرط، ومعناه: ما يصيبكم مِّن مُّصِيبَةٍ، فَبِمَا كَسَبَتْ أيديكم ثم قال: