من عندنا، فنزع حرف الخافض فصار نصباً إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ يعني: الرسل إلى الخلق.
ويقال: يعني: الملائكة في تلك الليلة رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يعني: إنزال الملائكة، رحمة من الله تعالى. ويقال: الرسالة رحمة من الله تعالى. ويقال: هذا القرآن رحمة لمن آمن به إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لقولهم الْعَلِيمُ بهم وبأعمالهم.
قوله عز وجل: رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قرأ أهل الكوفة رب، بكسر الباء، والباقون بالضم، فمن قرأ بالكسر رده إلى قوله: رحمة من ربك رب السموات. ومن قرأ بالضم، رده إلى قوله: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رب السموات. ويقال: على الاستئناف. ومعناه: هو ربكم، وهو رب السموات والارض وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ يعني: مؤمنين بتوحيد الله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وقد ذكرناه رَبُّكُمْ أي: خالقكم ورازقكم وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ يعني: هو خالقهم ورازقهم.
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٩ الى ١٦]
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣)
ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)
قوله عز وجل: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ يعني: يستهزئون. ويقال: هذا جواب قوله:
إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ فكأنه قال: لا يوقنون، بل هم فى شك يلعبون يعني: يخوضون في الباطل. قوله تعالى: فَارْتَقِبْ يعني: فانتظر يا محمد يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يعني: الجدب والقحط قال القتبي: سمي الجدب والقحط. دخاناً، وفيه قولان: أحدهما أن الجائع كأنه يرى بينه وبين السماء دخاناً من شدة الجوع، والثاني: أنه سمي القحط دخاناً، ليبس الأرض، وانقطاع النبات، وارتفاع الغبار، فشبه بالدخان. وروى الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: «خمس مضين، الدخان واللزام يعني:
العذاب الأكبر، والروم، والبطشة، والقمر.
وروي عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: بينما رجل يحدث في المسجد، فسئل عن قوله: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ فقال: إذا كان يوم القيامة، نزل دخان من السماء، فأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، وأخذ المؤمنون منه بمنزلة الزكام. قال مسروق: فدخلت على عبد الله فأخبرته، وكان متكئاً، فاستوى قاعداً. ثم أنشأ فقال: يا أَيُّهَا الناس: من كان عنده علم فسئل عنه، فليقل به، ومن لم يكن عنده علم، فليقل الله أعلم. إن