قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ وذلك، أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم لما بعث، خرت الأصنام على وجوهها في تلك الليلة. فصاح إبليس صيحة، فاجتمع إليه جنوده، فقال لهم: قد عرض أمر عظيم، امضوا فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها. يعني: امشوا وانظروا ماذا حدث من الأمر. وروى ابن عباس: أنه لما بعث النبي صلّى الله عليه وسلم حيل بين الشياطين وبين السماء، وأرسل عليهم الشهب، فجاؤوا إلى إبليس، فأخبروه بذلك، قال: هذا الأمر حادث، اضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فجاء نفر منهم، فوجدوا النبيّ صلّى الله عليه وسلم يصلي تحت نخلة في سوق عكاظ، ومعه ابن مسعود وأصحابه، وكان يقرأ سورة طه في الصلاة.
وروى وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن رجل، عن زر بن حبيش، في قوله تعالى:
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ قال: كانوا تسعة أحدهم: زوبعة أتوه ببطن نخلة يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا وروى عكرمة، عن الزبير قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الأخيرة، فلما حضروا النبيّ صلّى الله عليه وسلم، قال بعضهم، لبعض أنصتوا للقرآن واستمعوا فَلَمَّا قُضِيَ يعني: فرغ النبيّ صلّى الله عليه وسلم من القراءة والصلاة وَلَّوْا يعني: رجعوا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قال مقاتل: يعني: المؤمنين. وقال الكلبي: يعني: مخوفين. وقال مجاهد: ليس في الجن رسل، وإنما الرسل في الإنس، والنذارة في الجن. ثم قرأ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ يعني: أنذروا قومهم من الجن قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا من محمد صلّى الله عليه وسلم كِتاباً يعني: قراءة القرآن أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى يعني: أنزل على النبي صلّى الله عليه وسلم مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يعني: موافقاً لما قبله من الكتب يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ يعني: يدعو إلى توحيد الله تعالى من الشرك، كما هو في سائر الكتب وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ لا عوج فيه، يعني: دين الله تعالى، وهو الإسلام يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ يعني: النبيّ صلّى الله عليه وسلم وَآمِنُوا بِهِ يعني: صدقوا به وبكتابه يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ومن صلة في الكلام. يعني: يغفر لكم ذنوبكم إن صدقتم.
وآمنتم وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ يعني: يؤمنكم من عذاب النار وَمَنْ لاَّ يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ


الصفحة التالية
Icon